قال رحمه الله تعالى: [وأما سؤله لغيره أن يدعو له فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمر: (لا تنسنا من دعائك)، وقال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي يوم القيامة)، وقد يقال في هذا: هو طلب من الأمة الدعاء له؛ لأنهم إذا دعوا له حصل لهم من الأجر أكثر مما لو كان الدعاء لأنفسهم كما قال للذي قال: (أجعل صلاتي كلها عليك؟ فقال: إذاً يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك)، فطلبه منهم الدعاء له لمصلحتهم، كسائر أمره إياهم بما أمر به؛ وذلك لما في ذلك من المصلحة لهم، فإنه قد صح عنه أنه قال: (ما من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا وكَّل الله به ملكاً كلما دعا دعوة قال الملك الموكل به: آمين ولك مثله)].
ما يتعلق بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بأن يدعوا له ويصلوا عليه له وجه آخر، ذكره شيخ الإسلام وغيره في مقام آخر، وهو أن ذلك من التشريع الذي أمر الله به، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو مبلغ، وهو عليه الصلاة والسلام عندما أمرنا بأن نحبه أكثر مما نحب أنفسنا وأولادنا وما نملك فإن ذلك بأمر الله عز وجل له، ولم يقصد بذلك رفعة نفسه، بل الله رفعه وأمره أن يبلغ، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلب منا أن نصلي ونسلم عليه وذكر الأجر على ذلك إنما ذلك هو حق له صلى الله عليه وسلم شرعه الله.
وعليه فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم إنما بلغنا شرع الله ولم يطلب لنفسه شيئاً، فإنما هو مبلغ عن الله تعالى، ومن هنا يزول الإشكال في كون النبي صلى الله عليه وسلم طلب من الأمة أن تدعو له، وأن تسلم عليه، وأن تصلي عليه، وأن تحبه، وأن تتبع شرعه وأن تقتدي به، وكل ذلك إنما هو بأمر الله عز وجل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.