- لكن اختُلِفَ: هل قول الصحابي حجة على من بعده من غير الصحابة؟ وهذا ما بينه بقوله: " وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره، على القول الجديد، وفي القول القديم: حجة "، أي: أن مذهب الشافعي اختلف في قول الصحابي، هل هو حجة على غير الصحابي ممن يأتي بعده؟ فقد قال الشافعي في مذهبه الجديد: إن قول الصحابي ليس بحجة، وقد كان يقول في مذهبه القديم: إن قول الصحابي حجة.
وذهب جمهور أهل العلم إلى التفريق بين قول الصحابي فيما محمله: التوقيف، وبين قوله فيما محمله: القياس، فقوله فيما يؤول إلى القياس ليس بحجة، وقوله فيما مرجعه ليس إلى القياس بل بالتوقيف ولا يُقال بالرأي، فهو حجة.
ومثل قول الصحابي الخلاف في فعله، فأفعال الصحابة ليست - في الأصل - بحجة، لأنهم غير معصومين، وفعل غير المعصوم ليس بحجة.
لكن إن فعلوا أمراً، ولم ينكر فيه بعضهم على بعض، فرُويَ عن بعضهم فعله، ولم يُروَ عن الآخرين مخالفتُه، فيعتبر ذلك الفعلُ استباحةً، ولهذا استدل البخاري رحمه الله في الصحيح بأن ابن عباس رضي الله عنهما أمَّ متيمِّمَاً، وهذا من الفعل لا من القول، وهو استدلال بعمل هذا الصحابي الجليل.
ومثل ذلك: الاستدلال بأخذ ابن عمر ما زاد على القبضة من لحيته في الحج والعمرة.