الأحكام الشرعية وأقسامها

وقد اختلف في موضوع أصول الفقه، فقيل: هو الأدلة الشرعية، وقيل: هو الأحكام الشرعية، والواضح أنه جامع للأمرين، فهو الأدلة الشرعية الإجمالية والأحكام الشرعية كذلك؛ لأن الأمرين يبحث فيهما في أصول الفقه، ولهذا بدأ هو بالأحكام فقال: (الأحكام الشرعية) ، عقد هذا الباب لبيان أقسام الحكم الشرعي.

قال: [والأحكام سبعة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمحظور، والمكروه، والصحيح، والباطل] .

والأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول يسمى: بالأحكام التكليفية، والقسم الثاني يسمى: بالأحكام الوضعية.

أما الأحكام التكليفية: فهي ما يكلف الله به الناس طلباً أو نهياً، طلباً لفعل أو تركاً أو تخييراً بينهما، فالطلب إما أن يكون جازماً أو غير جازم، فالجازم: هو الذي يسمى بالإيجاب، وغير الجازم: هو الذي يسمى بالندب، وطلب الترك إما أن يكون جازماً أيضاً، فهذا الذي يسمى بالتحريم، أو أن يكون غير جازم، وهذا الذي يسمى بالكراهة، والتخيير: هو الذي يسمى بالإباحة.

فهذه الخمسة هي الأحكام التكليفية وهي منسوبة إلى التكليف، والتكليف: هو طلب ما فيه كلفة.

أي: أن يطلب الشارع من عبده ما فيه كلفة.

أي: مشقة، وهي مشقة الامتثال، ولا يقصد بها أن كل ما يكلفنا الله سبحانه وتعالى به فيه مشقة، فالمشقة بمعنى ما لا يقدر عليه مرفوعة أصلاً؛ لقوله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] ، وحصول المشقة يقتضى التيسير في الأحكام الشرعية، وإنما يقصد هنا: أن في ذلك طلباً لأمر لم يكن المكلف يفعله من تلقاء نفسه وإنما يفعله طاعة لله سبحانه وتعالى، ففيها التماس للطاعة التماس للقرب من الله تعالى، فهذا معنى كونها تكليفاً بما فيه مشقة.

وقد اختلف الناس في التكليف: هل هو إلزام ما فيه كلفة، أو طلب ما فيه كلفة؟ فمنهم من يعرفه بالإلزام؛ وذلك مقتضٍ لخروج المباح فليس فيه إلزام، ولخروج المندوب فليس فيه إلزام، ولخروج المكروه فليس فيه إلزام، فيدخل الواجب والمحرم فقط.

وبعضهم يقول: هو طلب ما فيه كلفة، وهذا يدخل الصبي؛ فإنه يطلب منه أداء الواجبات على وجه الندب، وترك المحرمات على وجه الندب أيضاً، فالمحرمات في حقه مكروهة، والواجبات في حقه مندوبة، وليس هو ملزماً بذلك؛ لأنه غير مكلف، فإذا قلنا: التكليف: هو إلزام ما فيه كلفة، فإنه يخرج منه المندوب والمكروه والمباح، وإذا قلنا: التكليف: هو طلب ما فيه كلفة، فإن ذلك يقتضي أن يكون الصبي مكلفاً، وكلا الأمرين غير صحيح، فلا يقصد بالإلزام هنا معناه المتبادر، وإنما يقصد به أن يكون ذلك مما يقصد به التعبد والطاعة.

قال: (والأحكام سبعة: الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه) وهذه في الواقع: هي متعلق الأحكام، فالحكم هو الخطاب، أي: الإيجاب والندب والإباحة والحظر الكراهة، فهذا هو الخطاب، أما متعلقه: فهو الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015