في مسائل كثيرة منها يقول -رحمه الله-: "عيادة المريض سنة بالإجماع"، مع أن الإمام البخاري ترجم في صحيحه باب وجوب عيادة المريض. وقال: "صلاة الكسوف سنة بالإجماع"، مع أن أبا عوانة في صحيحه قال: باب وجوب صلاة الكسوف، هل نقول إن مثل هذا الخلاف خفي على النووي؟ إن خفي عليه ما في صحيح أبي عوانة، لا يخفى عليه ما في صحيح البخاري -رحمه الله- لكن هم البشر، لا بد من الغفلة، لا بد من الغفلة.
الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- نفى الخلاف، وقال: لا يعلم خلافاً في عدم وجوب الزكاة في البقر إذا لم تبلغ الثلاثين، والخلاف معروف بين الصحابة في العشر. والإمام مالك -رحمه الله تعالى- في الموطأ ذكر أنه لا يعلم خلافاً في مسألة رد اليمين على المدعي، والخلاف معروف بين قضاة عصره، كابن أبي ليلى وابن شبرمة.
على كل حال هم بشر، هم بشر لا يتصور أن يحيطوا بكل مسائل العلم، وبكل أقوال العلماء.
مثل هذه الاستدراكات على هؤلاء الأئمة جعلت مثل الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار يقول: هذه الدعاوى التي يدعيها بعض أهل العلم –يعني يكثرون منها، من دعاوى الإجماع- قال: كل هذا يجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، لا يهاب الإجماع.
على أنه على طالب العلم أن يهاب الإجماع، فإذا ذكر الإجماع، على طالب العلم أن يقف، ولا يتسرع ولا يتعجل، يبحث إن وُجِد مخالف، يبحث عن دليله، إن كان له حظ من النظر نظر فيه، وإلا فالإجماع له هيبته؛ لأنه حجة عند من يعتد بقوله من أهل العلم.