يطلق الإجماع ويراد به قول الأكثر، المبحوث هنا، المراد بالإجماع قول الكل، قول جميع علماء العصر، والمراد بذلك المجتهدين من الفقهاء، لكن قد يطلق الإجماع ويراد به قول الأكثر، وهذا معروف عند الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- وهذا كثير ملحوظ في تفسيره؛ لأنه يذكر الخلاف، يذكر الخلاف، يذكر قول الأكثر، ثم يذكر قول المخالف، ثم يقول: والصواب في ذلك عندنا كذا؛ لإجماع القرأة على ذلك، كيف يقول لإجماع وقد ذكر الخلاف؟ نعم، كيف يقول لإجماع القرأة لإجماع العلماء، لإجماع الفقهاء، لإجماع المفسرين، وقد ذكر الخلاف هو بنفسه؟ هو يرى أن الإجماع قول الأكثر، وهذا قول انفرد به عن غيره رحمة الله عليه.

العلماء الذين يعتنون أو يعنون بنقل الإجماع ونفي الخلاف -كابن المنذر وابن عبد البر والنووي وابن قدامة- يلهجون بذكر الإجماع بكثرة، وابن حزم له مؤلف في الإجماع، ابن المنذر له مؤلف في الإجماع.

المقصود أن هذه كلمة يلهج بها كثير من أهل العلم، مع أنها لا تُسلَّم لهم كل دعاواهم؛ قد ينقل ابن المنذر الإجماع ثم يوقف على مخالف، وقد ينقل ابن عبد البر الإجماع على مسألة مع وجود المخالف، ومثلهم .. ، أقول مثل ذلك بالنسبة لابن قدامة والنووي، والنووي -رحمة الله عليه- واسع الخطو في هذا الباب، متساهل في نقل الإجماع أكثر من غيره، فقد يذكر الإجماع وينقله في مسائل الخلاف فيها واضح -في مسائل اشتهر فيها الخلاف- سواءً كان بين العلماء عامة من مذهبه وغيره، أو الخلاف في مذهبه -مذهب الشافعي- وقد ينقل الخلاف هو، وقد ينقل الخلاف، لكن إن كان نقله للخلاف عن الظاهرية مثلاً، أو عن من لا يعتد بقوله، فلا اعتراض؛ كثيراً ما يقول: والإجماع قائم على كذا، وأجمع العلماء على كذا، وينقل قول الظاهرية، هذا لا اعتراض عليه لماذا؟ لأنه نص في شرح مسلم على أنه لا يعتد بقول داود، لماذا؟ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، لكن قد ينقل الإجماع والخلاف معتبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015