مرجح خارجي من غير النصين، نحتاج إلى مرجح خارجي من غير هذين النصين؛ لأننا كوننا نرجح خصوص عموم الآية الأولى بخصوص الآية الثانية والعكس ما سوينا شيئاً، ما يمكن في مثل هذا المثال الذي بين أيدينا، إذا قال لك شخص: والله هذه زوجة متوفىً عنها وحامل، لا بد أن تمكث أربعة أشهر وعشراً؛ لأن الآية الأولى تدل على ذلك، هي متوفىً عنها لا بد أن تمكث أربعة أشهر وعشراً، يقول لك الثاني: لا، هذه ذات حمل، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}: هذا خاص بذوات الأحمال، نقول: فيه عموم من وجه آخر، وهو أنه شامل للمتوفى عنها والمطلقات.
إذن نحتاج إلى مرجح خارجي، يعني لوجود مثل هذا التعارض قال بعضهم: المتوفى عنها الحامل تعتد بأيش؟
بأقصى الأجلين؛ لتخرج من العدة بيقين، يعني لو بعد شهر ولدت تخرج من العدة؟
على هذا الكلام ما تخرج حتى تمكث أربعة أشهر وعشراً، إذا ولدت بعد سبعة أشهر تخرج من العدة إذا أكملت أربعة أشهر وعشراً؟
لا، حتى تضع الحمل؛ قيل بذلك، ثم ارتفع هذا الخلاف وأجمع أهل العلم على أن الحامل المتوفى عنها تخرج من العدة بأيش؟ بوضع الحمل؛ والمرجح حديث سبيعة، حديث سبيعة الأسلمية -وهو في الصحيحين- حديث سبيعة الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدراً فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته -يعني بيسير- فلما تعلت من نفاسها تجملت للخُطَّاب، فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة، لعلك ترجين للنكاح، والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشراً، قالت سبيعة: "فلما قال لي ذلك، جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي"، هذا مرجح لأيش؟
لكون الحامل المتوفى عنها كالمطلقة، فتخرج من عموم: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} لهذا الحديث الخاص، فاحتجنا إلى مرجح خارجي.