قال: [ومن غير تكييف ولا تمثيل].
هذه إبانة لمذهب المشبهة، وإن كان المشبهة ليسوا كمذهب المعطلة في الانتشار والظهور، وسيأتي الكلام في تفصيل ذلك عند قوله: [فهم وسط بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة].
والتكييف: حكاية كيفية الصفات، أي: تعيين كيفية لصفات الله، كالقول بأن لله يدين كيدي المخلوق، أو أن الله جسم لا كالأجسام أو ما إلى ذلك، فتعيين الكيفية للصفة في الإثبات أو النفي هو من طرق التكييف.
والتمثيل: هو ذكر مثال للصفة، وهو تشبيه الرب سبحانه وتعالى في باب أسمائه وصفاته.
وقد ذكر المصنف رحمه الله لفظ التمثيل؛ لأنه هو المنفي في كتاب الله، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11].
وأما لفظ التشبيه، فلم يذكره، لكون السياق فيه لفظ أشرف منه، فهو اللفظ المذكور في القرآن.
وبعض الناظرين يرى أن لفظ التشبيه لا يسوغ التعبير به؛ لأنه ما من شيء وآخر إلا وبينهما قدر من الاشتباه ..
وهذا تكلف في تعليل المسائل، بل لفظ التشبيه في باب الأسماء والصفات تواطأ الأئمة وأهل السنة على نفيه.
والإمام ابن تيمية رحمه الله يذكر أن باب الأسماء والصفات فيه قدرٌ مشترك من المعنى لابد من ثبوته في الاسم، وأن هذا القدر المشترك لا وجود له في الخارج وإنما يعقل به الخطاب ..
فمن نهى عن التعبير بلفظ التشبيه فقد أبعد وزاد، وإن كان الأولى والأقوم في اللفظ باعتباره وارداً في القرآن وفي المعنى أيضاً التعبير بنفي التمثيل، لكن من عبر بنفي التشبيه، فهذا قولٌ مناسب، ولا سيما أن السلف والأئمة قد استعملوه.