فبعض من تقدم تكلم في هذا الاصطلاح، إلا أنه غلب عليه الجانب الفقهي، وأما الإمام الذهبي - رحمه الله - وإن كان قد اختصر هذا الكتاب من كتاب " الاقتراح " لشيخه ابن دقيق العيد الذي اختصره من " علوم الحديث " للحافظ ابن الصلاح؛ إلا أن نفس الإمام الذهبي الحديثي ظهر في هذا الكتاب في تعقباته وتعليقاته.
وكذلك تظهر أهمية هذا الكتاب في بعض المباحث التي أوردها المؤلف -رحمه الله- ولم يسبق إليها، وبخاصة ما كان منها متعلقا في علم الرجال، فله مباحث في علم الرجال وفي طبقات الحفاظ لا تجدها في كتاب من كتب مصطلح الحديث إلا في هذا الكتاب، ووجودها في هذا الكتاب يزداد أهمية لكونها صادرة عن إمام له عناية بعلم الرجال، وله عناية تامة في هذا؛ حتى شهد له الأئمة الحفاظ بذلك.
وهذا الكتاب: " كتاب الموقظة " للإمام الحافظ الذهبي -رحمه الله- لا بد أن نعرف هذه اللفظة أو هذه التسمية؛ لأن معرفة هذه التسمية فيها شحن للهمم في دراسة هذا الفن والاعتناء بهذا الكتاب: ف " الموقظة " الهاء فيها للتأنيث، وموقظ: اسم فاعل من الإيقاظ وهو الانتباه، فالاستيقاظ والإيقاظ معناه الانتباه، فكأن المؤلف -رحمه الله تعالى- يلفت الانتباه -انتباه طالب العلم- إلى الاعتناء بهذا الفن، أو يلفت الانتباه إلى دراسة هذا الكتاب بخصوصه. فهو إما لفت الانتباه لدراسة هذا الفن على وجه العموم، أو لفت الانتباه لدراسة هذا الكتاب على وجه الخصوص؛ لما حواه من المباحث المهمة التي قل -أو بعضها قل- أن يوجد إلا عند الإمام الذهبي، ولا شك أن هذه التسمية مطابقة للمسمى الذي اشتمل عليه هذا الكتاب ... ].
ـ[قال الإمام الذهبي: [1 - الحديثُ الصحيح: هو ما دَارَ على عَدْلٍ مُتْقِنٍ واتَّصَل سَنَدُه. فإن كان مُرسَلاً ففي الاحتجاج به اختلاف. وزاد أهلُ الحديث: سلامتَهُ من الشذوذِ والعِلَّة. وفيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء، فإنَّ كثيراً من العِلَل يأبَوْنها. فالمجُمْعُ على صِحَّتِه إذاً: المتصلُ السالمُ من الشذوذِ والعِلَّة، وأنْ يكون رُواتُه ذوي ضَبْطٍ وعدالةٍ وعدمِ تدليس]]ـ