عمدة العبد التوكل على ربه؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وَعُدَّة المرء التقوى؛ لقوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. وفي هذا التعقب والتعليل نظر؛ فالذهبي أهل لما ذكر فإنه من الأئمة المشهود لهم بالعلم، قال عنه (?) تلميذه الصفدي: «حافظ لا يجارى ولافظ لا يُبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر عللهُ وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإبهام في تواريخهم، لم أجد عنده جمود المحدثين ولا كودنة النقلة بل هو فقيه النظر، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات». وقال عنه التاج السبكي: «إمام الوجود حفظاً، وذهب العصر معنى ولفظاً، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يُعبَّر عنها إخبار من حضرها». وقال عنه السخاوي: «وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال»، وقال عنه ابن كثير الدمشقي: «الحافظ الكبير، مؤرخ الإسلام، وشيخ المحدثين، وخاتمة الحفاظ»، وقال عنه جلال الدين السيوطي: «إن المحدثين عيال في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المِزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر».
وأما تعليله فإنما يتجه للإطلاق وكلامهم على التقييد فلا معارضة.
وقوله: (آخِرُ المجتهدين) انتقده أيضا الشيخ الهلالي بأن فيها إيحاءً بغلق باب الاجتهاد، وفي تعقبه نظر كسابقه فليس فيما قال الناسخ ما يشير إلى قوله بغلق باب الاجتهاد بل مقصوده مدح الذهبي بأن آخر مجتهدي عصره، فالوصف بالأخروية كالوصف بالأولية وبالقدم نسبي.
(قال الشيخ عبد العزيز السعيد في شرحه للموقظة: [وهذا الكتاب: " كتاب الموقظة " للإمام الذهبي - رحمه الله - كتاب مختصر نافع مفيد، وتظهر أهميته في أن الإمام الذهبي -رحمه الله- له تعقبات وتعليقات على من سبقه، وهذه التعقبات والتعليقات صادرة عن إمام له نفس حديثي، ليس كغيره ممن سلف.