ومنهم من قال: مثل هذا العمل خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يبقى أن النهي للأمة، وفعله -عليه الصلاة والسلام- المخالف لهذا النهي خاصٌ به، وعرفنا مراراً أن كل كمالٍ يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، وعدم استقبال القبلة بمثل هذا بالعورة المكشوفة حال قضاء الحاجة لا شك أنه أكمل، العدم أكمل، إذاً هو مطلوب منه -عليه الصلاة والسلام- أولى من غيره؛ لأنه أولى من يعظم شعائر الله -عليه الصلاة والسلام-، أولى من يعظم شعائر الله، فكيف يقول: إنه يستثنى من تعظيم شعائر الله -جل وعلا- الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذا القول وإن قيل به ضعيف.
وأيضاً الخصوصية لا تثبت بمجرد الاحتمال، وأما النسخ الذي قيل به فهو إلغاء، إلغاء لنصٍ ثابت مع إمكان الجمع، الجمع ممكن بأن يحمل على الفضاء والبنيان، فالفضاء تشمله أحاديث النهي، والبنيان يشمله أحاديث الترخيص، فيجوز استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط في البنيان دون الفضاء، ومنهم من يقول: يجوز الاستدبار دون الاستقبال، ولحديث ابن عمر مستقبل بيت المقدس، ومقتضى ذلك أنه مستدبر الكعبة، حمل بعضهم حديث ابن عمر على الاستدبار دون الاستقبال، لكن روى أحمد وأبو داود وابن خزيمة من حديث جابر هذا: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء"، قال: "ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة".
القول بالتفريق بين الفضاء والبنيان هو قول الجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، والقول بالتفريق بين الاستدبار والاستقبال هو قول الإمام أبي حنيفة، وقال قومٌ بالجواز مطلقاً، وآخرون بالتحريم مطلقاً، فالذين قالوا بالجواز قالوا بالنسخ، والذين قالوا بالتحريم حملوا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخصوصية، وعرفنا أنه إذا أمكن الجمع فهو أولى من القول بالنسخ، والخصوصية لا تثبت بالاحتمال.
طالب:. . . . . . . . .
الاستغفار على وجود المخالفة؛ لأن المخالفة موجودة، فإما أن يستغفر لنفسه لأنه لا يرى أن هذا الانحراف كافي، أو يستغفر لمن بنى هذه المراحيض.
طالب:. . . . . . . . .
الراجح التفريق بين الفضاء والبنيان.