"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أترون قبلتي هذه؟ )) " وهذا استفهام إنكاري لما يلزم منه أنهم يظنون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يراهم، بدليل: ((أترون قبلتي هاهنا)) أتظنون قبلتي هنا فقط؟ ((فوالله ما يخفى علي خشوعكم)) يعني في جميع الأركان من الصلاة، وقال بعضهم: إن هذا العلم وعدم الخفاء إما بوحي وإما بإلهام، لكن هذا فيه نظر، للتصريح الآتي بأنه -عليه الصلاة والسلام- يراهم من وراء ظهره ((فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم)) رؤية حقيقية خاصة به -عليه الصلاة والسلام- من باب خرق العادة له -صلى الله عليه وسلم- ((من وراء ظهري)) يراهم -عليه الصلاة والسلام- من وراء ظهره، ومن المعلوم المقطوع به أن عينيه كغيره في وجهه، لكن خرق الله له العادة فجعل ينظر مَن وراءه مِن وراء ظهره كما ينظر من هو أمامه، وهل هذا خاص بالصلاة أو في جميع الأوقات؟ النص يدل على أنه في الصلاة، بعضهم يقول: إنه كان له -عليه الصلاة والسلام- عين خلف ظهره، وبعضهم يقول: بين كتفيه، لكن لم يدل على هذا دليل، ويستغل بعض المبتدعة مثل هذا النص ويجعل أن الإبصار غير متعلق بالبصر، أن البصر مجرد سبب والسبب لا قيمة له عند هذا المتكلم، ولا أثر له، وإنما الله -جل وعلا- يجعل الأثر عنده لا به، يعني لا فرق في الإنسان بين وجهه وقفاه ما في فرق، ولذا يقررون وهذا مذكور عندهم بالحرف ما هو بإلزام أنه يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، هذا عندهم عند الأشاعرة، الأسباب لا أثر لها، ولا قيمة لها، وإنما توجد المؤثرات والمسببات عندها لا بها، ويستدلون بمثل هذا الحديث: "يراهم من وراء ظهره" لكن هل يوجد عند غيره مثل هذا، هل هو مطرد؟ غير مطرد، هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- إكراماً له، وخرقاً للعادة من أجله -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا الكلام لغو لا قيمة له.
طالب:. . . . . . . . .