"باب: مسح الحصباء في الصلاة" الحصى المشوش على الساجد، وفي حكمه ما على وجه الأرض مما يشوش على الساجد صلاته، من رمل وتراب وحشيش وثيل، وما أشبه ذلك، كل ما يشوش على المصلي هل يمسح أو لا يمسح؟ هل يهيأ المكان؟ ينبغي أن يهيأ المكان قبل الدخول في الصلاة، وإذا كان مما على وجه الأرض يذهب الخشوع ينبغي أن يفرش على هذه الأرض ما يحصل الخشوع ويكمله.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي جعفر القارئ" بالهمز المدني المخزومي "أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر إذا أهوى للسجود" أهوى وهوى بمعنىً واحد يعني نزل "للسجود مسح الحصباء لموضع جبهته مسحاً خفيفاً" مسحاً خفيفاً ليزيل شغله عن الصلاة؛ لأن هذا الحصى يشغله عن صلاته؛ ليزيل شغله عن الصلاة بما يتأذى به، وبما يحصل على جبهته من التراب مما يؤذيه، قد يدخل في عينيه أو ما أشبه ذلك، وإن كان الاختيار تركه.

وحكى النووي اتفاق العلماء على كراهة مسح الحصباء وغيرها في الصلاة، أولاً: لأنه حركة في الصلاة، الأمر الثاني: جاء معللاً بأن الرحمة تواجهه.

"عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن أبا ذر كان يقول: مسح الحصباء مسحة واحدة" أي تسوية الموضع الذي يسجد عليه إنما يجوز مسحة واحدة في الصلاة "وتركها" والإقبال على الصلاة يعني ولا واحدة "خيرٌ من حمر النعم" والحمر من الإبل هي أحسن ألوانها، فهي المفضلة عند العرب، فترك هذا أعظم أجراً مما لو كان عند الإنسان هذا النوع من الإبل، وتصدق به، أو حمل عليها في سبيل الله.

روى الخمسة عن سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص أنه سمع أبا ذر يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى)) ((فلا يمسح الحصى)) هذا نهي، والأصل في النهي التحريم، لكنه محمولٌ على الكراهة بدليل الإذن بالواحدة؛ لأن ما كان نهيه نهي تحريم لا يؤذن منه بشيء، ما دام أذن بواحدة دل على أن النهي محمولٌ على الكراهة.

وعند أحمد عن أبي ذر: ((واحدة أو دع)) وروى الشيخان وأصحاب السنن عن معيقيب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال: ((إن كنت فاعلاً فواحدة)) وهذا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015