على كل حال قد ناهز الاحتلام يعني قاربه، وقد جاء راكباً على أتان، فمرت هذه الأتان بين يدي بعض الصف، يقول: "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي للناس بمنى" وهذا عند أكثر الرواة أن الصلاة كانت بمنىً، ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينة: "بعرفة" قال النووي: يحمل ذلك على أنهما قضيتان، يعني مرتين، مرة بعرفة ومرة بمنى، وهذه طريقة النووي إذا اختلف الرواة ولو كان الخلاف مرده إلى الرواة، ولو كان اختلاف بعض الرواة غير مؤثر يقول بتعدد القصة، وذلك صيانةً للصحيح، وتعقب بأن الأصل عدم التعدد لا سيما مع اتحاد مخرج الحديث، فالحق أن قول ابن عيينة: "بعرفة" شاذ، شاذ كما قال ذلك ابن حجر وغيره.
يقول: "فمررت بين يدي بعض الصف" في كتاب الحج من صحيح البخاري: "الصف الأول"، "فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد" الأتان مرت بين يدي بعض الصف، نزل ابن عباس ودخل في الصف فلم ينكر ذلك عليه، استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز، استدل بترك الإنكار، فلم ينكر ذلك عليه أحد، وترك الإنكار يدل من باب أولى عدم إعادة الصلاة، كونه لم ينكر عليه، هل يفهم من هذا أنهم أعادوا الصلاة؟ ما ينكر، لكن لو قال: فلم يعيدوا الصلاة نفى ذلك إعادة الصلاة لا يمكن، يبقى أنه احتمال أنكر عليه، الاحتمال أنه أنكر عليه لكن يبقى أن الصلاة لم تعد، فاستدلاله بكون ذلك لم ينكر عليه، ولم يستدل بترك إعادتهم الصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة؛ لأنه يتضمن ترك إعادة الصلاة وترك الإنكار أيضاً.