"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئاً قبلها ولا بعدها" والنفي هذا يتناول الرواتب كما أنه يتناول النفل المطلق "لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئاً لا قبلها ولا بعدها" وهذا يشمل الرواتب ويشمل المطلق، ويشمل أيضاً ما جاء فضله بخصوصه كأربع ركعات قبل العصر، أربع ركعات قبل العصر "إلا من جوف الليل" فقيام الليل النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يترك الوتر ولا ركعتي الصبح سفراً ولا حضراً، وما عدا ذلك فلم يحفظ عنه أنه كان يتنفل إلا ما ذكرته أم هانئ، يعني في البخاري عن أم هانئ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في بيته يوم الفتح ثمان ركعات، والعلماء يختلفون هل هذه تسمى صلاة الفتح أو تسمى سبحة الضحى؟ وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به، فقيام الليل له شأن ينبغي ألا يترك سفراً ولا حضراً، الرواتب هي التي أثر عن كثير من السلف تركها كما قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "لو كنتُ مسبحاً لأتممت" وحفظ عنه أنه كان لا يصلي مع صلاة الفريضة شيئاً إلا ما كان في جوف الليل.
في البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم أره يسبح في السفر، وقال الله -جل ذكره-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [(21) سورة الأحزاب] " وعلى هذا الأولى ترك التنفل في السفر لا سيما الرواتب، والسبب في ذلك أن المسافر يكتب له ما كان يعمله في إقامته كما أن المريض يكتب له ما كان يعمله في صحته، فإذا كان الله -جل وعلا- رخص للمسافر وخفف عنه صلاة الفريضة من أربع إلى ركعتين، وهذه رخصة يحب الله -جل وعلا- أن تؤتى، فلأن يترك التطوع في السفر من باب أولى، ولذا يقول ابن عمر: "لو كنتُ مسبحاً لأتممت" يعني لو كنت متنفلاً بشيء من النوافل لصليت الفريضة كاملة، الفريضة أولى بالمحافظة من النافلة.