وركعتا الفجر من آكد النوافل، فثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتركهما سفراً ولا حضراً كالوتر، يقول: "حدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن حفصة -أخته- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته" ففيه رواية صحابي عن صحابي، "أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سكت المؤذن عن الأذان لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين" صلى ركعتين خفيفتين وهما إيش؟ ركعتا الفجر، وجاء أن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها، كثير من الناس يفرط بهاتين الركعتين الخفيفتين، والله المستعان.
ثم قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة" هكذا منقطع، يحيى ابن سعيد لم يدرك عائشة، وبينه وبينها واسطتان، فالذي في البخاري عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة أن عائشة "زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخفف ركعتي الفجر" اللتين قبل صلاة الصبح، "حتى -ابتدائية- إني لأقول: أقرأ بأم القرآن" يعني الفاتحة، يقول القرطبي: ليس معنى هذا أنها شكت في قراءة الفاتحة، ليس معنى هذا أنها شكت في قراءة الفاتحة، ولكن هذه مبالغة في تخفيف هاتين الركعتين، يقول: ليس معنى هذا أنها شكت في قراءة الفاتحة، وإنما معناه أنه كان يطيل القراءة في النوافل يطيل القراءة في النوافل فلما خفف في قراءة هذه الصلاة صار كأنه لم يقرأ بالنسبة إلى غيرهما من الصلوات، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقرأ في ركعتي الصبح بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص، ويقرأ بآية البقرة وآية آل عمران، كل هذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
ما الحكمة من تخفيف هذه الصلاة؟ تعقب صلاة ليل، تعقب صلاة ليل طويلة، كما هو الأصل فيها، ثم بعد ذلك يأتي بهاتين الركعتين الخفيفتين، ويتهيأ بعدهما لصلاة الصبح التي قراءتها مشهودة، {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] والله المستعان.