وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: "ما أدركت الناس -يعني من الصحابة والتابعين أدرك جمع من الصحابة ومن التابعين- إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان في قنوت الوتر، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- على رعل وذكوان وبني لحيان، وفيه إباحة لعن الكفرة، سواء كان لهم ذمة أو لا ذمة لهم، غضباً لله -عز وجل-، لا سيما المؤذي منهم، لا سيما من آذى المسلمين منهم، والله المستعان، إذا نظرنا إلى سبب نزول قوله -جل وعلا-: ليس لك من الأمر شيء، لما خص النبي عليه الصلاة والسلام بعض الناس باللعن، اللهم العن فلان وفلان نزل قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ} [(128) سورة آل عمران] المقصود أن التخصيص محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يقول: أن الآية خاصة بالنهي عن لعن هؤلاء لما علم الله منهم أنهم يسلمون، ويبقى لعن من آذى بعينه، وهو قول معتبر عند أهل العلم، ومنهم من يقول: لا داعي للتخصيص، وإذا لُعن الجنس يشمل الجميع، ويبقى أن المسألة أيضاً إذا ترتب عليها مفسدة، الكفار والأعداء غافلون فأنت تنبهم على نفسك بمثل هذا، ولك مندوحة في أن تدعو عليهم في السجود، تدعو عليهم في مواطن الإجابة الأخرى، له أيضاً حظ من النظر، والمسألة مسألة مصالح ودرء مفاسد، وإذا نهينا عن أن نسب الأصنام والمعبودات خشيةً من سبهم لله -جل وعلا- فمثل هذا يضطرد في مثل هذا {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [(108) سورة الأنعام] لكن الأصل الجواز، لكن قد يقول قائل، كيف نلعن الكفرة ونلعن اليهود والنصارى ومنهم من يكتب الله له أنه يسلم؟ بل الإرادة الكونية أننا إذا دعونا بهلاكهم وبقاؤهم محتوم للإرادة الكونية، نقول: لا تعارض بين الإرادتين، نحن ندور مع الإرادة الشرعية، بغض النظر عن الإرادة الكونية، الله -سبحانه وتعالى- يفعل ما يشاء، كما أننا ندعو لعموم المسلمين بالمغفرة والرحمة وإن كان فيهم من يدخل النار ويعذب، فنحن مأمورون بالدعاء على الكفار غضباً لله -عز وجل-، ونحن مأمورون بالدعاء للمسلمين، وهذا من حقوق المسلم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015