((ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر)) الصبر جاء مدحه والحث عليه في نصوص الكتاب والسنة {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] هذا إذا لم يحصل له ما صبر نفسه عليه في الدنيا يكون أجره مدخر يوم القيامة، وفي الغالب أنه يحصل له ما يريد مع الصبر {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} [(200) سورة آل عمران] فلا بد من الصبر والمصابرة ومداومة ذلك والمرابطة عليه حتى تحصل النتيجة التي هي الفلاح.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة-: ((اليد العليا خير من اليد السفلى)) " ثم فسره بقوله: ((واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة)) لأن السفلى تقول: هكذا، يد السائل هذا وضع يده، والمنفق يده فوق، هذا هو الواضح منه، وهو تفسير الحديث في الحديث، ومع ذلك يقول بعض الزهاد المتصوفة الذين يؤثرون الكسل والخمول، ولا يرغبون في العمل والتكسب، ويتوكلون على أزواد الناس، يقولون: لا اليد العليا هي الآخذة، واليد السفلى المعطية، لماذا؟ قالوا: الآخذ نائب عن الله {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [(17) سورة التغابن] هذا جاء يأخذ قرض لله -جل وعلا-، فيده نائبة عن الله -جل وعلا-، ولا يمكن أن تكون نائبة عن الله وهي السفلى، يعني هذا تبرير لكسلهم وعجزهم، وإلا فالمشاهد والذي يدل عليه الواقع، وهو أيضاً الثابت في الأخبار أن اليد العلياء هي المنفقة، والسفلى هي السائلة حقيقة ومعنى، حسناً ومعنى، المعطية هي العلياء، في الحس والمعنى، الحس ظاهر لأن اليد فوق، ما في أحد بيقول لك: خذ، في أحد بيقول لك: خذ؟ ما في، بيقول: خذ، هذا من حيث الحس، المعنى أيضاً، يعني إيش معنى العلو والتعالي؟ لكن لا يستصحب معنى علو وتجبر علو في الأرض وما أدري إيش؟ لا، ومع ذلك عليه أن يتواضع لله -جل وعلا-؛ لأن المال مال الله.