"حدثني مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: احتجم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" احتجم يدل على مشروعية الحجامة من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومن قوله "حجمه أبو طيبة" مولى "فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر" بعض النصوص تدل على أنه أعطاه أجرته نقود، حتى جاء في الحديث، ولو كانت الحجامة حرام ما أعطاه أجرته، فالحجامة مباحة، لكن ما جاء فيها من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كسب الحجام خبيث)) و ((أطعمه نضاحك)) أو ((أطعمه نواضحك)) كل هذا يدل على أن هذه المهنة ليست من أفضل المهن، وإنما هي مهنة مفضولة، ومما ينبغي أن تتداول بين المسلمين بانتفاع بعضهم من بعض من غير مشارطة أجرة؛ لأنه لما أخذ الأجرة قال: ((كسب الحجام خبيث)) بمعنى أنه رديء، كما في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] يعني أنه الرديء من الطعام، وإن كان مطعوماً ونافعاً مأكولاً، ولذا قال: ((أطعمه نضاحك)) فالحجامة مباحة إلا أنها ليست من المهن التي هي تعد من المهن المعظمة والمكرمة والشريفة عند عموم الناس؛ لكنها مهنة دون، ولذا قال: ((كسب الحجام خبيث)) ولو كانت الحجامة حرام، وفعلها محرم، وكسبها محرم لما قال: ((أطعمه نضاحك)) يعني رقيقك، ولم يعطه أجرة؛ لأن المحرم لا يدفع عليه أجرة، ولا يجوز أخذ الأجرة عليه كحلوان الكاهن ومهر البغي، هذه لا يجوز .. ، أجرتها سحت، لا يجوز أخذها، ولا يجوز دفعها؛ لأنها أجرة على محرم، أما هذا فيأخذه، وينفق فيه الأمور التي في المصارف التي أقل من الأكل والشرب أو اللبس لنفسه، وإنما أقل أحوالها أن تكون من المال الذي فيه نوع شبهة، يعني يطعم النواضح، يطعم الرقيق، ويعلف به البهائم، حتى لو سددت به الديون لا بأس؛ لأن شيخ الإسلام يرى أن المال الذي فيه شبه تسدد به الديون لا بأس، خلاف المال الذي فيه شيء محرم هذا لا يجوز أخذه البتة.

"احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجمه أبو طيبة، فأمر له صاع من تمر" يعني أجره له "وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه" الخراج: الذي يقرره السيد على رقيقه، نعم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015