ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار.
قالوا: فيحمل حديث الإذن على ما إذا لم يكن المالك محتاجاً، وحديث النهي على ما إذا كان مستغنياً، ومنهم من حمل الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة، والنهي على ما إذا كانت مصرورة.
واختار ابن العربي الحمل على العادة، وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو، وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة، والنهي على ما كان للمسلمين، واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين.
وفي المرقاة عن شرح السنة: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه إلا إذا اضطر في مخمصة، ويضمن، ومثل لا ضمان عليه لأن الشرع أباحه له.
وذهب أحمد وإسحاق وغيرهما إلى إباحته لغير المضطر أيضاً إذا لم يكن المالك حاضراً.
انتهى؟
طالب: نعم انتهى.
يعني مر بنا في درس الأمس، في الدرس الماضي، مر بنا أنه لا يجوز أن يحلب من الماشية إلا بإذن صاحبها، وجاء في الزروع والثمار أنه يأكل غير متخذ خبنة، وأن القياس متجه بالنسبة للبن في ضروع الإبل على الزرع والتمر في رؤوس النخل، يعني الباب واحد، لكن جاء النهي عن حلب الإبل إلا بإذن صاحبه، وأنه لا يجوز ذلك بحال، وجاء في حديث جابر وأبي سعيد، وفي حديث سمرة وأبي سعيد كما سمعتم، وإن كان كل واحد منهما له علة، وعلة ظاهرة وقادحة إلا أن من أهل العلم من يرى أن أحدهما يجبر الآخر؛ لأن السماع من المختلط حال الاختلاط قادح مضعف للحديث، والخلاف في سماع الحسن من سمرة أيضاً عند أهل العلم أكثرهم أو الكثير منهم يرون أنه لم يسمع منه مطلقاً، ومنهم من يقول: إنه سمع منه حديث العقيقة فقط، وهذا مصرح به في الصحيح في البخاري عن حبيب بن الشهيد، قال لي ابن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة؟ قال: من سمرة، فدل على أنه سمع منه حديث العقيقة، ويبقى ما عداه على الانقطاع، ومنه حديث الباب، لكنه ينجبر بالحديث الثاني عند جمع من أهل العلم، ويصل إلى درجة الحسن لغيره، أما وصوله إلى درجة الصحيح فدونه خرط القتاد، يعني النزاع في كونه حسن لغيره، أما التصحيح فلا.