قال: وفي الباب عن عمر وأبي سعيد، قال أبو عيسى: حديث سمرة حديث حسن صحيح غريب، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق، قال أبو عيسى: وقال علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح، وقد تكلم بعض أهل الحديث في رواية الحسن عن سمرة، وقالوا: إنما يحدث عن صحيفة سمرة.
وقال الكاندهلوي في أوجز المسالك إلى موطأ مالك على قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((فلا يحتلبن أحد إلا بإذنه)) قال الحافظ قال ابن عبد البر: في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئاً إلا بإذنه، وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه، فنبه به على ما هو أولى منه، وبهذا أخذ الجمهور، ولكن سواءً كان بإذن خاص أو عام، واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه، وإن لم يقع منه إذن عام أو خاص، وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقاً في الأكل والشرب سواءً علم بطيب نفسه، سواءً علم بطيب نفس صاحبه أو لو يعلم، والحجة لهم ما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من رواية الحسن عن سمرة مرفوعاً: ((إذا أتى أحدكم على ماشية فان كان صاحبها فيها فليصوت ثلاثاً، فان أجاب فليستأذن، فإن أذن له وإلا فليحتلب وليشرب ولا يحمل)) إسناده صحيح إلى الحسن.
فمن صحح يا شيخ؟
إيه يعني فمن صحح رواية الحسن عن سمرة صحح.
هنا قال: فمن صح سماعه.
صحح سماعه.
أحسن الله إليك.
فمن صحح سماعه من سمرة صححه، ومن لا أعله بالانقطاع.
ومن لا، يعني ومن لا يصحح أعله بالانقطاع.
ومن لا أعله بالانقطاع، لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعاً: ((إذا أتيت على راعي فناده ثلاثاً فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط)) فذكر مثله، أخرجه ابن ماجه والطحاوي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح، فهو أولى بأن يعمل به، وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه، فلا يلتفت إليه، ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه من الجمع منها: حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه، والنهي على ما إذا لم يعلم.
ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره، أو بالمضطر، أو بحال المجاعة مطلقاً، وهي متقاربة.