"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود)) " يعني لعنهم كما جاء في بعض الروايات: لعنهم، ولذا بعض الشراح فسر الحديث: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)) ثم قال: ((فليقاتله)) يعني إن أبى، فقال هذا الشارح: بالسب والشتم؛ لأن قاتل تأتي بمعنى لعن، بالسب والشتم، هذا الكلام ليس بصحيح، يعني إذا جاءت في موضع لا يعني أنها تأتي في كثير من المواضع، ولذا غريب الحديث فرع من فروع اللغة، ومع ذلك من أهم أنواع علوم الحديث، لا ينوء به إلا من جمع الله له بين اللغة والحديث؛ لأن الذي ليس لديه علم بالحديث وإن كان لغوياً بيأتي إلى كتب اللغة ويفسر اللفظ بما وقف عليه من كتب اللغة بما لا يوافق السياق أحياناً مثل هذا اللي فسر "فليقاتله" باللعن والسب، وهو يصلي يلعنه ويسبه أعوذ بالله، والذي عنده معرفة بالحديث وليست لديه خبرة باللغة قد لا يستطيع الوقوف على المعنى المراد، ولا يستطيع التمييز بين الألفاظ الموجودة في كتب اللغة، وموائمتها لكلامه -عليه الصلاة والسلام-، ولا يستطيع أن يميز الراجح من المرجوح من الألفاظ مما له أصل، ومما لا أصل له، لا سيما وأن كثيراً من كتب اللغة تأثرت بالمذاهب، سواءً كانت الفرعية أو الأصلية، مؤلفات المتأخرين باللغة متأثرة بالمذاهب بلا شك، فإذا كان مؤلف هذا الكتاب شافعي تأثر بمذهب الشافعي، إذا كان حنفي تأثر ... ، قد يقول قائل: إيش دخل المذاهب بالمفردات؟ لها دخل كبير؛ لأن الحقائق قد تشترك فيها اللغوية مع الشرعية، فنحتاج إلى تمييز بين هذه الحقائق، فلا شك أن الذي يفسر الحديث ويتصدى لشرحه لا بد أن يكون قد جمع بين الحديث واللغة.