"فكتب إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فكتبوا: إنا -والله- ما قتلناه" وعلى هذا الحكم لا بد أن تكون بينته كاملة، ما قال: هذا مسلم، المدعي مسلم، والمقتول مسلم، والمدعى عليهم يهود {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(8) سورة المائدة] لا بد من تطبيق المقدمات الشرعية للحكم الشرعي، ويخطئ بعض الناس حينما يبادر بالحكم على خصمه، أو خصم قريبه أو حبيبه، أو من كانت بينه وبينه شيء من أمور الدنيا، بعض الناس يحكم مباشرة، أبداً صاحبنا ما يكذب، ليش ما يكذب يا أخي؟ قد يخطئ، قد يغلط، لا بد من استعمال المقدمات الشرعية ليخرج الحكم شرعياً، سواء كان الخصم حبيب إلى القلب أو بغيض، هذا لا أثر له في الحكم.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: ((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ )) فقالوا: لا" قالوا: "لم نشهد ولم نحضر" كما في الرواية اللاحقة، كيف يحلف الإنسان على شيء لم يشهده ولم يحضره؟ وغلبة الظن تقبل في مثل هذا أو لا تقبل؟ يعني حينما طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- منهم اليمين هذا في ظاهره يسوّغ لهم أن يحلفوا؟ نعم؟ أو المسألة مسألة حكم شرعي بيحكم بهذه الأيمان صدقوا أو كذبوا؟ كما في ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) قد يحلف المدعى عليه ويكذب، وكون القاضي يطلب منه اليمين هل معنى هذا أنه مما يسوغ له اليمين ولو كان كاذباً؟ لا، إذاً مجرد طلب اليمين لا يسوغ اليمين، بل الإنسان يتدين بهذا اليمين لله -جل وعلا-؛ لأنه عبادة، فلا يجوز له أن يحلف إلا على أمر بيّن واضح.