"في فقير بئر أو عين، فأتى يهود" محيصة أتى يهود "فقال: أنتم -والله- قتلتموه" وما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء هم يهود، يقتلون في الليل والنهار، ولولا الحبل الممدود من الناس ما استطاعوا أن يقتلوا ذباب، لكن لحكمة بالغة يريدها الله -جل وعلا-، سلط الله -جل وعلا- على بعض المسلمين هذه الفئة المقيتة البغيضة التي ضربت عليها الذلة والمسكنة لتعود هذه الأمة إلى دينها، وتراجع نفسها، لما انصرفوا عن دينهم سلط الله عليهم هذه الفئة التي ضرب عليها الذلة والمسكنة، ولولا الحبل من الناس لما قامت لهم قائمة، لكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، والله المستعان.

"أنتم -والله- قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه" حلفوا، قدموا اليمين "فأقبل حتى قدم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن، فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر" يعني هو الذي أقرب إلى القصة من غيره، وعبد الرحمن بن سهل أخو المقتول، لكن لما كان السن له قدر، وله حق في التقديم قدمه النبي -عليه الصلاة والسلام- "فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) يريد السن" ما الذي نحتاجه من قوله: يريد السن؟ لئلا يظن السامع أنه قل: الله أكبر، هذا كبر، كبر يعني قل: الله أكبر، لكن لما قال: يريد السن، يعني دع الأكبر هو الذي يتكلم "فتكلم حويصة" لأنه الأكبر "ثم تكلم محيصة" الذي هو صاحب القصة، وهو الذي أقرب الناس إليها "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب)) " بناء على أنهم قتلوه، ولم ينكروا، هذا إذا لم ينكروا ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب)) يعني هل يكتفى من المعاهد بأخذ الدية إذا قتل عمداً؟ أو يكون بهذا قد نقض العهد؟ ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب)) الدية هنا أعم من مسألة قود أو أخذ دية، إما أن يذعنوا لما يحكم به عليهم، وإما أن يؤذنوا بحرب؛ لأنهم يكونوا بهذا قد نقضوا العهد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015