يبقى أنه قد يجامع الوصية في اعتبار الثلث، فمن أعتق ستة من العبيد وهو لا يملك غيرهم عن دبر وهذه المسألة وقعت في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فباع أربعة، وعتق اثنان، فليس له أن يعتق أكثر من الثلث، إذا كانوا يستوعبون المال كله، وإذا كانوا يستوعبون نصف المال يعتق منهم بقدر الثلث، ويعاد إلى المال السدس، فهناك فرق بين الوصية والتدبير، فكيف تكون الترجمة بهذه الصيغة: باب الوصية في التدبير؟ يعني التدبير يجامع الوصية من وجه ويخالفها من وجه، يجامع الوصية باعتبار أنه لا يعتق إلا بالموت، كالوصية لا تثبت إلا بالموت، فيجامعها في كونه لا يزاد فيه على الثلث كالوصية، ويفارق الوصية بأنه لا يملك الرجوع في التدبير، ويملك الرجوع في الوصية.
نشوف كلام الإمام -رحمه الله- يوضح.
يقول: "قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني عند أهل بلده وفي مذهبه "أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً" إذا أوصى بالعبيد، إذا أوصى بهم وصية لا تدبير، ولم يقل: إنهم يعتقون إذا مات، كيف يوصي كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، يعني هل الوصية لهم أو بهم؟ الوصية بهم إلى من؟ الموصى به العبيد، لكن الموصى لهم؟
طالب: الورثة.
لا، لا ما هو بالورثة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا الموصى إليه، الموصى لهم المستفيد من الوصية، يعني إذا أوصى بثلث ماله لأعمال البر ووجوه الخير، وليكن منها بعض العبيد، هؤلاء الموصى بهم، والموصى إليهم من يستفيد من هذه الوصية، ولا يلزم من هذه الوصية أن يكونوا أحراراً، إنما يدفعون إلى الموصى إليهم يتصرفون بهم، إن شاءوا استرقوهم، وإن شاءوا أعتقوهم، وإن شاءوا كاتبوهم.
"أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء" لأن الوصية لا تلزم إلا بالموت "ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً" يعني عتق عن دبر، يعلق عتقهم بالموت "فإذا دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر" مثلما قلنا في الطلاق: إذا علق على شرط محقق الوقوع.