قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب، فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه، أنه ليس بذلك بأس، وإنما كره ذلك من كرهه لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل، فيضع عنه وينقده، وليس هذا مثل الدين، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالاً في أن يتعجل العتق، فيجب له الميراث والشهادة والحدود، وتثبت له حرمة العتاقة، ولم يشترِ دراهم بدراهم، ولا ذهباً بذهب، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه: ائتني بكذا وكذا ديناراً وأنت حر، فوضع عنه من ذلك، فقال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر، فليس هذا ديناً ثابتاً، ولو كان ديناً ثابتاً لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس، فدخل معهم في مال مكاتبه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب القطاعة في الكتابة:

القطاعة والمقاطعة ما زالت لفظة مستعملة، يعني إذا جيء بعامل وطلب منه عمل شيء معين فمقاولته على الأجرة مقاطعة، يقولون: قاطعته وإلا قاطعه وإلا قطوعه، نعم، يعني لفظ مستعمل، المقصود أنه يقال له: احضر هذا المال، إذا أحضرته فأنت حر، مبلغ معين يحدد من الذهب أو الورق حر، إذا أحضرت هذا المال خلال سنة فأنت حر، عشرة آلاف خلال سنة فأنت حر.

يقول: "حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق" وقد كاتبت عدة من الأرقاء منهم سليمان، وعطاء، وعبد الله، وعبد الملك، سليمان بن يسار، أحد الفقهاء السبعة، وإخوته، عطاء بن يسار، إمام من أئمة المسلمين، وعبد الله وعبد الملك، كلهم ممن كاتبتهم أم المؤمنين أم سلمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015