"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر" الفقيه، أحد الفقهاء السبعة "يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر" جد عمر بن عبد العزيز لأمه من خيار التابعين، لم تثبت له رؤية، ولد لسنتين بقيتا من حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم إنه فارقها" فارق هذه المرأة الأنصارية "فجاء عمر قباء" يعني كأن هذه المرأة تسكن في حي قباء "فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة" وموضوع الحديث الحضانة، إذا حصلت الفرقة بين الزوجين لمن تكون؟ الأصل أنها للأم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت انتهى حقها، ثم من يلي الأم، هل الذي يليها أمها أو الأب؟ يقول: "فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام، لأمه، فنازعته إياه" يعني اختصموا فيه لمن تكون الحضانة؟ "حتى أتيا أبا بكر الصديق فقال عمر: ابني" يعني فأنا أحق به منها "وقالت المرأة: ابني" الجدة قالت: ابني، والجدة أم بلا شك "فقال أبو بكر: خل بينها وبينه" يعني هي أولى به منك؛ لأن النساء أعرف بتدبير شئون الصبيان من الآباء، من الرجال، لكنه إذا بلغ من العمر مبلغاً بحيث يخشى عليه من الضياع إذا مكث عند أمه أو جدته، فأبوه أولى به، وعلى هذا يراعى في الحضانة مصلحة المحضون، فإن كانت مصلحته في بقائه عند أمه فهو الأصل، وإذا ادعى الأب أنه يضيع، وأن أمه ليست قادرة على رعاية مصالحه، فإنه يسقط حقها؛ لأن الملاحظ فيها حق المحضون، والأصلح له، فإذا رأى أن الأم ليست لديها من الكفاية ما يجعلها أحق سقط حقها كسائر الحقوق، يعني كولاية الأب على بناته في تزويجهن إذا لم يكن كفؤاً لهذه الولاية، انتقل حقه إلى غيره وهكذا؛ لأن من شرع الحق بسببه فملاحظته أولى من ملاحظة غيره، يعني حينما يقال: إن الحضانة حق للأم هل معنى أنها هي المستفيدة منه من هذا الحق؟ المستفيد الولد، فملاحظة فائدة هذا المستفيد أولى من ملاحظة حق ذي الحق، لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات عدم الكفاءة "فقال أبو بكر: خل بينها وبينه" يعني المنازعة بين عمر والجدة، هل هي تطلب هذا الولد لنفسها، أو تطلبه لبنتها التي هي أم الولد؟ إن كانت