قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع)) " لا ناهية أو لا يمنعُ فتكون نافية والمرد منه النهي؟ ((أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) لا شك أن كل جار محتاج إلى جاره؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يستقل بنفسه ((لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) لأن الجدار الذي يسقف بواسطته البيوت، يوضع عليه خشبة لصاحبه، وخشبة لجاره، ولا يلزم أن يبنى جدار هذا وجدار لهذا، لكن يبقى أنه يحصل الاتفاق، والبيان على أن هذا الجدار لفلان؛ لئلا يحصل نزاع فيما بعد، الورثة إذا انتهى انقرض هذا الجيل، وجاء الجيل الذي يليهم، أولاد الجار يقولون: الجدار لنا، فلا بد أن يكون الكلام مبيناً، وأن الجدار لفلان؛ لئلا يحصل نزاع ولا شقاق، لكن ليس لمن بنى الجدار أن يمنع جاره من أن يضع عليه الخشب، يغرزها في جداره.
وقل مثل هذا في الوتد، احتاج الناس وتد، معروف الوتد وإلا ما هو معروف؟ نعم خشبة تغرز في جدار يعلق عليها ما يحتاج إلى تعليقه، يغرزها في جداره، وبعض الناس يكون عنده شيء من الدقة والحرص على أمواله وعلى حقوقه بحيث لو استأجر منه شخص بيت وإلا شقة ثم بعد ذلك خرج منه يأتي يناقشه ليش هذا المسمار هنا؟ وليش كذا كذا؟ هذا ما هو بأشد من الخشب من غرز الخشبة في الجدار، أنت محتاج لأن تعلق حاجاتك في هذا الجدار، لكن في أيضاً بالمقابل على المستأجر ألا يضر بصاحب المحل، فيحتاج المحل إلى ترميم بقدر الأجرة، أو قريب منها، ((لا ضرر ولا ضرار)) أنت مطالب بالانتفاع، أنت لك أن تنتفع من هذا المحل المستأجر، ولا يجوز لك أن تضر بصاحبه.
((يغرزها في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" أي: عن هذه السنة التي حدثتكم بها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "والله لأرمين بها بين أكتافكم" لأرمين بها يعني السنة، أو بالخشبة على ما قال أهل العلم، المقصود أن هذه السنة ملزمة لأصحاب الجوار، كل واحد يترك صاحبه ينتفع بجداره، وينتفع بما لا يضره.