وجود الشبه البين بعتبة يورث شبهة في أن الولد ليس لزمعة، يوجد في النفس شيء في أن الولد ليس لزمعة، هو في الحكم الشرعي له، تثبت جميع الأحكام له، لكن مسألة الاحتياط، واتقاء الشبهات ترد في مثل هذا، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام- لسودة بنت زمعة: ((احتجبي منه)) لأن الاحتمال قوي في كونه ليس لأبيك، وليس أخاً لك؛ لأنه ولد زنا، نعم الحكم الشرعي مقرر وممكن أنه ينسب لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وما لاعن، ولا ينفي الولد في مثل هذه الحالة إلا اللعان، فإذا لم يلاعن نسب إليه شاء أم أبى، للزوجة والسيد، لكن لما وجد الشبه البين بعتبة النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب الاحتياط واتقاء الشبهة قال: " ((احتجبي منه يا زمعة)) لما رأى من شبهه بعتبة بن وقاص، قالت: فما رآها حتى لقي الله -عز وجل-" يعني احتجبت منه امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يمكن الاحتياط من الجهتين في مثل هذه الشبهات، فمثلاً امرأة أرضعت صبي رضعتين أو ثلاث ثلاث رضعات مثلاً، الثلاث لا تحرم، فلا يكون محرماً لها، فلا يسافر بها، ولا تكشف له، ومع ذلك تحتاط من الجهة الأخرى أن يقال: لا يتزوج، ولا يتزوج من بناتها، وهذا من باب الاحتياط، واتقاء الشبهة، وإلا فالحكم الشرعي أنه ليس بولد لها، وهذا مثل ما معنا.
قال: "وحدثني مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي" في كتب الحديث والمحدثون جروا على هذا يحذفون الياء، ابن الهاد، شداد بن الهاد مثلاً، يزيد بن عبد الله بن الهاد، عمرو بن العاص، والقاعدة اللغوية أنه لا بد من الياء، فتقول: الهادي والعاصي، لكن أهل الحديث درجوا على الحذف وإلا الأصل الهادي، لماذا؟ لأنه مقترن بـ (أل) وحينئذٍ لا يفارق الياء، أما إذا لم يقترن بالياء فإن كان في محل نصب: رأيت هادياً، رأيت عاصياً، تثبت الياء مع التنوين، وإن كان في محل رفع أو جر فإنها تحذف الياء، جاء هادٍ، ومررت بهادٍ.
يقول: هل يلجأ في وقتنا الحاضر إلى تحليل الحمض النووي لإثبات نسب الولد قبل اللجوء إلى اللعان؟