قال مالك: وذلك الأمر عندنا، وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(4 - 5) سورة النور].
قال مالك: فالأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يُجلد الحد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في شهادة المحدود
المحدود من أُقيم عليه الحد، والترجمة تشمل الحدود كلها من أُقيم عليه حد الزنا بالجلد، حد القذف، حد الشُرب، حد السرقة بالقطع، المقصود أنه أقيم عليه حد من الحدود المفروضة لارتكابه ما يوجب الحد.
"قال يحيى عن مالكٍ أنه بلغه أن سليمان بن يسار وغيره" يعني من الفقهاء فقهاء المدينة "أنهم سئلوا عن رجل جلد الحد أتجوز شهادته؟ فقالوا: نعم إذا ظهرت منه التوبة" لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، والحدود كفارات لمن حُد، وهي أيضاً مع التوبة، والتوبة تهدم ما كان قبلها، هذا في الجملة، يعني في العموم، لكن ماذا عمن حُد حد القذف، والله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [(4) سورة النور].
قال: "وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يُسأل عن ذلك فقال مثل ما قال سليمان بن يسار" يعني هو من الفقهاء الذين سئلوا في هذه المسألة وقرروا أن المحدود إذا تاب وصحت توبته، وحسنت توبته فإنه تُقبل شهادته.