((وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض -يعني أبلغ وأفصح- فأقضي له على نحو ما أسمع منه)) بناءاً على ما أبداه من حجة قوية، وخصمه ضعيف الحجة، لا يستطيع أن يبين عن قضيته, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فرق بين فتوى وبين قضاء، بين الفتوى والقضاء، الفتوى لا يحسن فيها الخطأ، ولا يقر عليها لو اجتهد وأفتى بخلاف الأولى، فنقول: خطأ، لا يقر عليه، بينما القضاء ليسن للقضاة الذين يلزمون بالحكم قد يقع منهم ما يدل عليه هذا الحديث، وقد يكون هذا الحديث إنما هو تشريع بالقول وإن لم يقع منه بالفعل، لكن الحديث يدل على إمكان وقوع الفعل، قد يكون الفعل لم يقع منه -عليه الصلاة والسلام- أنه حكم بالحق لغير صاحبه، لكن الحديث يدل على إمكان الفعل، ويكفي للاقتداء.
((إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن من حجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً)) لا يجوز له أن يأخذه وهو يعلم أنه ليس له.
((فإنما أقطع له قطعة من النار)) لأنه أكل أموال الناس بالباطل، ولا شك أن أكل مثل هذا أكل للنار.
القضاء في الجملة يحتاج إلى علم لا بد منه، قدر كافي من العلم، ويحتاج أيضاً إلى نباهة وفراسة، وإن كان كثيرٌ من هذه الأمور إنما يحصل بعد مزاولته، لكن يكون الشخص مؤهل لهذا الأمر، والقاضي شريح قال له ابنه: إن له خصومة مع بني فلان أريد أن أعرضها عليك، فإن كان الحق لي جئت بهم، وإن كان الحق لهم لا داعي أن أحضرهم عندك، ندفع الحق لهم، ولا نكلفهم عناء الحضور، فقال له: اعرض القضية، فعرضها، فقال: الحق لك، هاتهم، فجاء بهم إلى والده في المحكمة فقضى لهم عليه، فقال له الولد: أنا عرضت عليك المسألة من أجل ألا نكلفهم الحضور، قال: نعم لو قلتُ: إن الحق لهم قبل أن يحضروا لذهبت تصالحهم ولو على شيءٍ يسير، الآن واحد من الناس لو يُجاب له ورقة من الشرطة قال: تحضر المحكمة في يوم السبت الساعة تسعة ونصف من الصباح، وهو يعرف أنه ليس عنده شيء، يجزم جزم قطع أنه ليس لديه شيء، إنما