روى الليث وغيره عن سليمان بن يسار أن رجلاً أخبره عن أم سلمة، هنا يقول: عن سليمان بن يسار عن أم سلمة مباشرة، وروى الليث عن سليمان بن يسار راويه، يكون عندنا أن رجلاً أخبره عن أم سلمة فهو على هذا إيش؟ منقطع.
قال النووي في الخلاصة: حديث صحيح، رواه مالك والشافعي وأحمد أبو داود والنسائي بأسانيد على شرط البخاري ومسلم، فلم يلتفت النووي إلى رواية الليث، ولا يمنع أن يكون سليمان رواه بواسطة مرة، ومرة بغير واسطة، مرة رواه بالواسطة ومرة بغير واسطة، الذي يقدح إذا لم يروه إلا بواسطة، ثم أبهم الواسطة في طريق، وأسقطها في طريق آخر، هذا يضر، يؤثر، لكن إذا روى الخبر بغير واسطة، أو رواه بواسطة، ثم تيسر له أن يصل إليه بغير واسطة، العلو مطلوب، فكونه يسقط الواسطة لا بأس، وكونه يذكر الواسطة أحياناً، ويسقطها أحياناً لا بأس، وهذا إذا غلب على الظن ذلك؛ لأنه لا يحكم بحكم مطرد في مثل هذا، أن سليمان رواه بواسطة أو بدون واسطة، إذا دلت القرائن على أنه رواه بغير واسطة كما استروح إليه النووي في كلامه الذي ذكرنا، فالأمر ليس بمستبعد، فهو ممكن، أقول: ممكن، سليمان أدرك أم سلمة.
"أن امرأة كانت تهراق الدماء" يعني من كثرته "في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستفتت لها أم سلمة" استفتت لها بأمرها إيّاها، يعني طلبت منها أن تستفتي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث السابق هي السائلة، في الحديث الذي قبله ماذا قالت؟ نعم؟ "يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع؟ " هي السائلة، فيتحمل أنها أمرت أم سلمة أن تسأل، ثم سألت لتتأكد، أو أنها سألت أولاً، ثم نسيت، فأمرت أم سلمة، خجلت أن تسأل ثانية، مثلما تقدم في حديث علي: "كنت رجل مذاءً فأمرت المقداد" وفي بعض طرقه أنه سأل، ويطلق على الآمر أنه سائل، إذا كلف أحد يسأل فقد سأل، وعلى كل حال الأمر سهل في مثل هذا.