قال مالك: وفي ذلك أيضاً عيب آخر أنه اشترى شيئاً ليس بمضمون له، وإن لم يتم ذهب ثمنه باطلاً، فهذا غرر لا يصلح.
قال مالك: وإنما فرق بين ألا يبيع الرجل إلا ما عنده، وأن يسلف الرجل في شيء ليس عنده أصله أن صاحبه العينة إنما يحمل ذهبه التي يريد أن يبتاع بها، فيقول: هذه عشرة دنانير، فما تريد أن اشتري لك بها، فكأنه يبيع عشرة دنانير نقداً بخمسة عشرة ديناراً إلى أجل، فلهذا كره ذلك، وإنما تلك الدُخْلَة والدُلْسَة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع الدين والحول
الدين معروف، وهو البيع إلى أجل، والحول التحول والحوالة، فالتحول للدين من ذمة إلى أخرى، فالحول معناه الحوالة والتحول، كما في قوله -جل وعلا-: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [(108) سورة الكهف] يعني تحولاً، فالحول التحول والتحويل والحوالة للمال من ذمة إلى أخرى، كأن يكون لزيد على عمرو مال فيأتيه، فيأتي زيد إلى عمرو المدين، فيقول: إن لي مالاً على بكر، أحيلك بقدر ما تطلبه مني على بكر، فينظر في حال بكر إن كان غنياً فهو موضوع هذا الباب الذي فيه الأمر، وإن كان ليس بمليء مفلس، أو مماطل فمثل هذا لا يلزم قبول الحوالة في مثل هذه الصورة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج" أبو الزناد اسمه؟ عبد الله بن ذكوان، والأعرج اسمه؟ عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطْلُ الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع)) " مطْلُ: يعني منع القضاء، وترديد الدائن، ويجد هذا في أسواق المسلمين، إذا جاء الدائن قال: تأتي غداً والفلوس موجودة، فإذا جاء غداً قال: تأتي آخر النهار، وإذا جاء آخر النهار قال: بعد أسبوع وهكذا؛ لأن إخراج المال من اليد بالنسبة لمن أشرب قلبه حب المال صعب جداً، وتجده يعتذر بأعذار ليست صحيحة، فيجتمع عنده من المنكرات ما يجتمع، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ظلم.