بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (13)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطْلُ الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع)).
وحدثني عن مالك عن موسى بن ميسرة أنه سمع رجل يسأل سعيد بن المسيب، فقال: إني رجل أبيع بالدين فقال: سعيد لا تبع إلا ما آويت إلى رحلك.
قال مالك في الذي يشتري السلعة من الرجل على أن يوفيه تلك السلعة إلى أجل مسمى، إما لسوق يرجو نفاقها فيه، وإما لحاجة في ذلك الزمان الذي اشترط عليه، ثم يخلفه البائع عن ذلك الأجل، فيريد المشتري رد تلك السلعة على البائع إن ذلك ليس للمشتري، وإن البيع لازم له، وإن البائع لو جاء بتلك السلعة قبل محل الأجل لم يكره المشتري على أخذها.
قال مالك: في الذي يشتري الطعام فيكتاله ثم يأتيه من يشتريه منه، فيخبر الذي يأتيه أنه قد اكتاله لنفسه واستوفاه، فيريد المبتاع أن يصدقه ويأخذه بكيله، إنما بيع على هذه الصفة بنقد فلا بأس به، وما بيع على هذه الصفة إلى أجل فإنه مكروه حتى يكتاله المشتري الآخر لنفسه، وإنما كره الذي إلى أجل لأنه ذريعة إلى الربا، وتخوف أن يدار ذلك على هذا الوجه بغير كيل ولا وزن، فإن كان إلى أجل فهو مكروه، ولا اختلاف فيه عندنا.
قال مالك: لا ينبغي أن يشترى دين على رجل غائب ولا حاضر إلا بإقرار من الذي عليه الدين، ولا على ميت وإن علم الذي ترك الميت، وذلك أن اشترى ذلك غرر لا يدرى أيتم أم لا يتم؟ وتفسير ما كره من ذلك أنه إذا اشترى دين على غائب أو ميت أنه لا يدرى ما يلحق الميت من الدين الذي لم يُعلم به، فإن لحق الميت دين ذهب الثمن الذي أعطى المبتاع باطلاً.