والمرابحة كما تقدم مفاعلة، مثل الملامسة والمنابذة، والربح يكون من الطرفين، لكن هنا من طرف واحد، يشتري السلعة بثمن معين، ثم يقدم به السوق فيقول: من يعطيني بها ربح كذا عشر بالمائة ويكفي، عشرين بالمائة، عشرة دراهم ربح، دينار مكسب فيصدق، فيلزمه أن يصدق، ولا تجوز التورية في مثل هذا، فإذا قال: اشتريته بمائة، قال: تعطيني به عشرة دراهم؟ انتهينا؟ قال: نعم، تعطيني عشرة بالمائة؟ قال: وافقت، قال: أنا اشتريته بمائة درهم، هل البيع لازم قبل معرفة الثمن أو غير لازم؟ بمعنى أنه لما قال له: اشتريته بمائة، قال: لا أعطيك مائة وعشرة وهو ما يستحق إلا سبعين ثمانين؟ يعني معنى المرابحة هنا هل معناه أنه يثبت العقد بمجرد معرفة نسبة الربح؟ صدقه على هذا، ما الذي دعاهما؟ ما الذي دعا البائع أن يبيع مرابحة؟ لأن السلعة في نظره لا تستحق هذه القيمة، لو كانت تستحق أكثر هل يجرؤ مثلاً شخص اشترى سلعة بنصف قيمتها أن يقول: من يعطيني مكسب مائة بالمائة؟ ما يمكن، يمكن أن السامع المشتري يظنها اشتريت بقيمة مثلها، فلا تستحق من الربح إلا عشرة بالمائة، لكن يلجئ البائع إلى المرابحة حينما تكون السلعة داخلة عليه بثمن مرتفع، وإلا لو كانت بثمن منخفض اشتراها بنصف قيمتها ما يمكن أن يقول: من يكسبني مائة بالمائة، وإنما يقول: أريد أن أبيعها بمائة، وقد اشتراها بخمسين وهي تستحق المائة تمشي، لكن لو قال: أعطني ربح مائة بالمائة ما وافقت، لكن إذا كانت غالية اشتراها بمائة وهي ما تستحق إلا ثمانين، قال: مشتريها برأس مالي، أتنازل عن أتعابي كلها، وقد يتظاهر بأنه مراعاة للمشتري، وتيسيراً عليه، وفي الحقيقة يريد التخلص منها، فالمرابحة إنما يلجئ إليها إما عند جهل المشتري بحقيقة السلع وأقيامها، أو لكون البائع -مريد البيع- اشتراها بثمن مرتفع، فهل يلزم البيع بمجرد معرفة النسبة وقبولها من قبل المشتري، إذا لم يلزم البيع فلا مرابحة، حتى يبين أصل الثمن ما صارت مرابحة، لو قال مثلاً: كسبني عشرة بالمائة، قال: أخبرني أولاً، لا أستطيع أن أكسبك حتى أعرف الثمن، قال: أنا اشتريتها بمائة، قال: قبلت، ما صارت مرابحة، صار باع عليه مائة وعشرة مباشرة، المرابحة أن