"والمنابذة أن ينبذ" يطرح " الرجل إلى الرجل ثوبه، وينبذ الآخر إليه ثوبه" كل واحد ينبذ على الثاني ثوبه "من غير تأمل بينهما" ما يتركان فرصة لكل واحد يتأمل، ما نبذ إليه، بمعنى أنه يلزم العقد بمجرد النبذ، والمفاعلة ظاهرة في مثل هذه الصورة؛ لأنها من الطرفين، فلا يتأمل كل واحد منهما، ولا ينظر، ولا يقلب الثوب بحيث ينظر إلى حقيقته الكاشفة "ويقول كل واحد منهما: هذا بهذا" على سبيل الإلزام على ثبوت العقد بمجرد النبذ "فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة" لكن لو ترك كل واحد منهما للآخر الخيار؛ كل واحد نبذ إلى الثاني ثوبه وقال: يا الله إن جاز لك جزمنا، ويقول الثاني كذلك ما يدخل في المنابذة؛ لأن النبذ بذاته لا يترتب عليه شيء، إنما نهي عنه لما يترتب عليه من الغرر الظاهر والجهالة الواضحة، لكن لو كان ذلك على سبيل الخيار، وأن العقد لا يلزم حتى يتم النظر فلا مانع من هذا، منهم من يرى أن المنابذة مرادف لبيع الحصاة، وهو أنه يأخذ حصاة ويقول: خذ هذه الحصاة فأنبذها على هذه المجموعة من الثياب أو من الأغنام، أو من أي بضاعة كانت، أي شيء تقع عليه هذه الحصاة فهو عليك بكذا، فالجهالة هنا قد تقع الحصاة على ثوب بمائة، وقد تقع على ثوب بخمسين، وقد تقع على ثوب بمائتين، ويحدد له السعر بمائة مثلاًًً، هذا غرر الجهالة، لكن لو كانت الأسعار واحدة، دخل محل أبو ريالين وقال: خذ هذه وانبذ على اللي تبي بريالين في غرر وإلا ما فيه؟ الغرر من جهة أن الحصاة قد تقع على سلعة لا يريدها، قد تقع على سلعة لا يريدها، يعني يشتري سلعة وسعرها محدد، ثم تقع هذه الحصاة ما كل الناس يصيب ما يريد، نعم، فإذا وقعت على شيء لا يريده الجهالة جاءت من تحديد السلعة، العقد صحيح وإلا غير صحيح؟ والغرر كبير وإلا غير كبير؟ الغرر شديد وإلا غير شديد؟ دخل على محل مستوي الأثمان كل حبة بمائة معروف أو بريالين مثلاً، فقال: خذ هذه الحصاة وارميها على ما شئت، أي شيء تقع عليه فهو بريالين، ما الفائدة من النبذ في مثل هذه الصورة؟ النبذ في الصور الأولى التي فيها الغرر أحدهما مستفيد فائدة كبيرة، والثاني متضرر وهذا لا شك أنه مثل هذه الصورة أنها لا تجوز للغرر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015