قال مالك: من سلف ذهباً أو ورقاً في حيوان أو عروض إذا كان موصوفاً إلى أجل مسمى، ثم حل الأجل فإنه لا بأس أن يبيع المشتري تلك السلعة من البائع قبل أن يحل الأجل، أو بعد ما يحل بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره بالغاً ما بلغ ذلك العرض إلا الطعام، فإنه لا يحل أن يبيعه قبل أن يقبضه، وللمشتري أن يبيع تلك السلعة من غير صاحبه الذي ابتاعها منه بذهب أو ورق أو عرض من العروض يقبض ذلك ولا يؤخره؛ لأنه إذا أخر ذلك قبح ودخله ما يكره من الكالئ بالكالئ، والكالئ بالكالئ أن يبيع الرجل ديناً له على رجل بدين على رجل آخر.
قال مالك: ومن سلف في سلعة إلى أجل وتلك السلعة مما لا يؤكل ولا يشرب فإن المشتري يبيعها ممن شاء بنقد أو عرض قبل أن يستوفيها من غير صاحبها الذي اشتراها منه, ولا ينبغي له أن يبيعها من الذي ابتاعها منه إلا بعرض يقبضه ولا يؤخره.
قال مالك: وإن كانت السلعة لم تحل فلا بأس أن يبيعها من صاحبها بعرض مخالف لها بيّن خلافه يقبضه ولا يؤخره.
قال مالك: فيمن سلف دنانير أو دراهم في أربعة أثواب موصوفة إلى أجل، فلما حل الأجل تقاضى صاحبها فلم يجدها عنده، ووجد عنده ثياباً دونها من صنفها، فقال له الذي عليه الأثواب: أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه إنه لا بأس بذلك إذا أخذ تلك الأثواب التي يعطيه قبل أن يفترقا، فإن دخل ذلك الأجل فإنه لا يصلح، وإن كان ذلك قبل محل الأجل فإنه لا يصلح أيضاً إلا أن يبيعه ثياباً، ليست من صنف الثياب التي سلفه فيها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: السلفة في العروض
عرفنا أن أهل الحجاز يسمون السلم سلف, كما أنهم يسمون القرض سلف, ومعنى السلفة في العروض الذي يظهر أن المراد به هنا السلم, بدليل ما تحت الترجمة من أخبار، فهذا الذي يدفع الثمن نقداً يشتري بها ثياب نسيئة إلى أجل معين, ثم يريد بيعها قبل حلول الأجل ممن اشتراها منه أومن غيره يأتي الكلام فيه.