لأن هذه المسألة وسيلة إلى الربا, ولا يمكن أن تحرم الغاية وتباح الوسيلة إلى هذه الغاية؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد, فإما أن يكون الأمران محرمين أو مباحين, والثاني وهو الإباحة لا سبيل إليه؛ لأن الربا مقطوع بتحريمه, فلم يبقَ إلا الأول, نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

وأيضاً فإن الشارع لما حرم الربا وجعله من الكبائر, وتوعد آكله بمحاربة الله ورسوله لما فيه من أعظم الفساد والضرر, فكيف يتصور مع هذا أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيء يكون من الحيل؟! فيا لله العجب أترى هذه الحيلة أزالت تلك المفسدة العظيمة, وقلبتها مصلحة بعد أن كانت مفسدة؟! وأيضاً فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع ....

يعني في سورة (ن) لما أرادوا حرمان الفقراء مما يتساقط من النخل والشجر أثناء الجذاذ عاقبهم الله جزاء وفاقاً, نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

وأيضاً فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع حق الفقراء من الثمر المتساقط وقت الحصاد، فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله الثمرة جملة, ولا يقال: فالعقوبة إنما كانت على رد الاستثناء وحده.

{وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [(18) سورة القلم] هل العقوبة على كونهم لم يستثنوا, هذا إنما ذكر لبيان إصرارهم على جريمتهم, وإلا فالجريمة قصد حرمان الفقراء, نعم.

ولا يقال: فالعقوبة إنما كان على رد الاستثناء وحده لوجهين, أحدهما: أن العقوبة من جنس العمل, وترك الاستثناء عقوبته أن يعوق وينسى لا إهلاك ماله بخلاف عقوبة ذنب الحرمان, فإنها حرمان كالذنب, الثاني: أن الله تعالى أخبر عنهم أنهم قالوا: {أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ} [(24) سورة القلم] وذنب العقوبة على ذلك, فلو لم يكن لهذا الوصف مدخل في العقوبة لم يكن لذكره فائدة, فإن لم يكن هو العلة التامة كان جزءاً من العلة، وعلى التقديرين يحصل المقصود, وأيضاً فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الأعمال بالنيات)) والمتوسل بالوسيلة التي صورتها مباحة إلى المحرم إنما نيته المحرم, ونيته أولى به من ظاهر عمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015