ليست حياة هذه، فهذا من نعم الله -جل وعلا-، وإلا كان يموت الفقير غم، هذا فيه تسلية له، يعني رأينا ناس ينامون على درج في مكة مثلاً، وأكثر وقته ما ... ، ويتكففون الناس واحد يعطيهم وواحد ما يعطيهم، تجد الواحد بيده الكسرة ويعطي بزره اللي معه ولده ومبسوط، وتجد الإنسان يتأثر ويتكدر لأدنى شيء وهو في النعيم، فتحت عليه الدنيا بأنواعها لكنه معذب بها، وتجد أيضاً بعض الناس معذب بأولاده، وآخر معذب بعقمه، وثالث معذب بكذا، ورابع، لماذا؟ كل هذا لماذا؟ لأن الدنيا طبعت على كدر، وطبع الدنيا على كدر ليس من أجل تعذيب الناس أبداً؛ ليلتفتوا لما خلقوا من أجله، من أجل الحصول على النعيم المقيم الذي لا يشاركه كدر، والله المستعان.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة قالت زينب -هذا الأول-: دخلت على أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-" حبيبة بنت أبي سفيان "حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره" هذا يتجمل به، ويتطيب به "فدهنت به جارية، ثم مسحت بعارضيها -جانب وجهها- ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) " ما لها بالطيب حاجة، لكن تريد أن تبين بالفعل أنها لم تحد على أبيها، تظهر للناس أنها لم تحد على أبيها امتثالاً؛ لقوله: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث)) أما الثلاث فما دون فالنفس لا شك أن لها حظ، ولها تعلق بالعزيز، فمن باب وفائها ترى أن عليها أن تحد، وأن تمتنع من التجمل، وملاحظة الظروف، ظروف الناس وأحوالهم في حدود المباح أمر مطلوب، يعني ليس من الأدب أن الإنسان إذا ذهب لتعزية أو شبهها أن يفتح المجال للحديث في كل باب، ويظهر السرور والانبساط والفرح، ويكثر الضحك، لا، مراعاة خواطر الناس أمر لا شك أنها جبلت عليه النفوس، وجاء به الشرع.