الأمر الثاني: من حيث الواقع ما أشبه الليلة بالبارحة، واقعنا مثل واقع من تقدم، تجد الآن البنت وهي تدرس في الجامعة مثلاً لا تريد إلا من يناسبها، لا تريد إلا شاب جامعي متعلم يفهمها وتفهمه، على حد زعمهم، عندهم أن غير المتعلم ما يفهم شيء، لا، لا بد من التكافؤ في التعليم، وهذا مع الأسف أن بعض من يتصدى لحل المشاكل الاجتماعية قد يقول مثل هذا، ثم بعد ذلك تشترط شروط، أن يكون على قدر من الوسامة مع التعليم، وأيضاً يكون له مركز ومنصب اجتماعي، وله مال، هذه أحلام كثير من البنات، ثم بعد ذلك تتخرج البنت، ويتقدم إليها ناس متفاوتون، منهم اللي ما عنده شهادة وعنده مال، ومنهم اللي عنده مال ولا عنده شهادة، ثم تقول: لا والله، هذا ما عنده شهادة، والثاني تقول: لا والله ما عنده مال، والثالث تقول: ما أدري إيش؟ المقصود أن هذه العلل العليلة الواهية تجعل مثل هذه البنت يتقدم بها السن، فإذا ولجت مع بوابة الثلاثين رضيت الخاطب كائناً من كان، وعرفنا من هذا النوع، وسمعنا الشيء الكثير، حتى أن بنت جامعية وسيمة وتطلب الشروط، وبعد ذلك يتزوجها شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب، بل بعض من يكتب في الصحف من المثقفات ذوات الشهادات العالية تزوجت عامي لا يقرأ ولا يكتب؛ لأن المسألة مسألة عرض وطلب، إذا فاتها –على ما يقولون العامة- القطار خلاص، ما بقي إلا العنوسة أو لزوم البيت، ما يجيها إلا إنسان ما يقبله الشابات.
على كل حال مثل هذا أيضاً ليس بعيب أن تقدم على الزواج بغير متعلم إذا كان قد توافر فيه الدين والأمانة والخلق، هذا ما يجوز رده أياً كان، الدراسة ليست بشرط، نعم كمال، لكن مع ذلك قد يكون الدارس أجهل من العامي، وقد جبل على خلق سيء يسومها سوء العذاب، والإشكال أن بعض الأفكار وفدت على المجتمعات الإسلامية وكانت في غنية عنها.