قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أنه كان يقول: "شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين" لماذا يدعى الأغنياء ويترك المساكين؟ لأن الظرف ظرف مباهاة، الزوج يريد أن يتجمل عند أصهاره، عند أنسابه، فلا يأتي بمساكين، يأتي بأعيان ووجهاء ليبين أن له قيمة، وأن له مركز اجتماعي ومرموق، لكن لو جمع المساكين والفقراء وذهب بهم وترك هؤلاء الأغنياء يخيل إليه أنه يسقط من عيون أصهاره وأنسابه، وعرفنا من كبار أهل العلم من يكثر المساكين على مائدته، ويجلسون مع الأغنياء ولا فرق، وقد يقدمون عليهم، وما زادهم ذلك عند الله -جل وعلا-، وعند خلقه إلا رفعة، والله المستعان.
"يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأتِ الدعوة فقد عصى الله ورسوله" هذا يدل على وجوب إجابة الدعوة، ومع الأسف الأيام التي نعيشها تفاوت تصورات الناس، وفساد تصوراتهم، يوجد في كثير من الناس، يعني ليسوا قلة، تجد من الناس من إذا دعي تضايق تضايقاً شديداً، وعد هذا تكليف بما لا يطاق، وإذا لم يدعَ هذا الذي تضايق لو لم يدعَ لوقع في نفسه أمر عظيم، فكيف إذا دعي تضايق، وإذا لم يدعَ حصل في نفسه هذا الأمر؟ لا شك أن هذا من فساد القلوب، وتغير الفطر، وإلا فالأصل إن كنت صادقاً في أنك لا تستطيع الحضور، أو يشق عليك الحضور، أن تفرح إذا لم تدعَ، ما هو بيقع في نفسك أنك لم تدع، وأنك أهملت، وأنك لا تستحق الدعوة، أو يخيل لك الشيطان ويوسوس لك ما يوسوس، وإن كنت بالفعل تتضايق إذا لم تدعَ، فكيف تتضايق إذا دعيت؟ والله المستعان، والنفوس مشحونة بمثل هذه التصرفات.
قال: "وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: إن خياطاً دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الطعام" النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يرد الداعي، يجيب الدعوة -عليه الصلاة والسلام- جبراً لخاطر الداعي.