ثم بعد ذلك قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد سئل عن رجل طلق امرأته ألبتة ثم تزوجها بعده رجل آخر فمات" يعني يستوي في هذا أن يطلق أو يموت قبل أن يمس لا فرق؛ لأنه قد يقول مثلاً قائل: إنه إذا طلقها قبل أن يمسها لا عدة عليها، لكن إذا مات عنها قبل أن يمسها فعليها العدة، فهل هناك فرق؟ فهل تحل بهذا الفرق؟ هو ما في فرق بينهما من حيث العدة؟ في فرق من حيث العدة، فيخيل لبعض الناس أنه ما دام هناك عدة أنها خلاص انتهت من المنع، وساغ لزوجها الأول أن يرجع إليها، ولا فرق حينئذٍ، والوصف الذي علق عليه الحكم، حكم جواز رجوع الأول إليها، ورجوعها إليه أن تذوق العسيلة، أن توطأ.

قد يقول قائل: إذا كان الأمر كذلك فالوطء المحرم مثلاً نسأل الله العافية، ذاقت عسيلة، هل ترجع إليه؟ لا، النكاح المحرم، الوطء المحرم لا يثبت به حكم شرعي؛ لأنه قال: ((حتى تذوق عسيلتها)) نعم ذاقت العسيلة بوطء محرم، نقول: لا يجوز، ولا تحل له حتى تنكح نكاحاً صحيحاً عن رغبة، لا تحليل، ولا محرم، ولا شبهة، لا بد أن يكون نكاحاًَ صحيحاً عن رغبة، ويحصل الجماع، وتذوق العسيلة.

"ثم تزوجها بعده رجل آخر فمات عنها قبل أن يمسها" هل يحل لزوجها الأول أن يراجعها؟ "فقال القاسم بن محمد: "لا يحل لزوجها الأول أن يراجعها" يعني حتى يحصل الجماع من الثاني.

لو أن شخصاً تزوجها في عدتها من الأول، نكحها في عدتها من زوجها الأول، وذاق عسيلتها، ترجع إلى الأول وإلا ما ترجع؟ ما ترجع؛ لأن النكاح ليس بصحيح، لا بد أن يكون النكاح صحيحاً تترتب عليه أحكامه.

فقال القاسم بن محمد: "لا يحل لزوجها الأول أن يراجعها" والإمام -رحمه الله تعالى- حينما يذكر الحديث المرفوع ثم الموقوف ثم المقطوع؛ لينوع في أنواع الأدلة المعروفة؛ وليبين أن هذا الحكم محفوظ غير منسوخ، محكم غير منسوخ، تتابع على القول به الصحابة، ثم التابعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015