هذه الشروط التي يشترطها أحد الزوجين على الآخر مما أصله مباح، هذه في الأصل يلزم الوفاء بها؛ لأنها لا تخالف شرطاً شيئاً من كتاب الله -جل وعلا-، والمسلمون على شروطهم، لكن إن تضرر أحد الزوجين أو شق عليه ما اشترط على نفسه فالمسألة كسائر الأمور عرض وطلب، يعني إذا اشترطت أن لا يسافر بها فرأى من المصلحة الملحة أن يسافر، فقالت: لا أسافر معك، لها ذلك، لها أن تبقى بدون سفر، لكن لها أن تفسخ، ولا يلزمه ولا يأثم بعدم الوفاء به، كما أنها لو اشترطت عليه أن تكمل دراستها أو تعمل بعد تخرجها، تعمل في الوظيفة، ثم رأى أن متابعة دراستها فيه تضييع لحقوقه، فقال: أنا لا أرضى بالدراسة، قالت: بيننا وبينك شرط في العقد، قال: والله أنا حر، والخيار حينئذٍ للمرأة، إن أرادت أن تبقى على شرطها وتصر وتذهب إلى أهلها، إذا خيرها بين أمرين: أحدهما يملكه هو يملك الفراق، إذا خيرها بين أمرين يملك أحدهما كان له الخيار، وأيضاً إن أصرت على شرطها وذهبت إلى أهلها لعدم وفائه بهذا الشرط فليس له من مهره شيء، إنما هو بما استحل من فرجها، وإذا قال لها: أنا أتضرر بالدراسة أو بالعمل بعد الدراسة فإن شئت بقيت بدون هذا الشرط، وإن شئت فالحقي بأهلك، فالمسألة مسألة هل يأثم بعدم الوفاء أو لا يأثم؟ لا شك أنه إن بيت هذه النية وقت العقد لا شك أنه آثم؛ لأنها إذا قالت له: أكمل الدراسة، قال: ما يخالف سووا اللي تبون، اشترطوا ما شئتم والحل بيدي؛ لأنها إذا دُخل بها، وأنجبت منه ولد أو ولدين، سوف تتنازل عن هذا الشرط إذا ضغط عليها؛ لأن لا شك أن منزلتها نزلت قليلاً، لا سيما في وضعنا الذي نعيشه الآن، المطلقة وذات الأولاد لا يلتفت إليها إلا من دون هذا الرجل بمراحل، فكانوا في السابق لا يهتمون لهذه الأمور تطلق من فلان ويتزوجها فلان، تنجب من فلان ومن فلان ومن فلان، اثنين ثلاثة أربعة خمسة، ما في إشكال، أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب الطيار، فلما قتل تزوجها أبو بكر، فلما مات تزوجها علي، وأنجبت من كل منهم، أنجبت أولاد من جعفر، ومن أبي بكر، ومن علي، أنجبت أولاد، ومثلها كثير، عائشة بنت طلحة تزوجت خمسة فخطبها الوليد بن عبد الملك سادس، ورفضته وهو