قال مالك -رحمه الله تعالى-: وإنما يكون ذلك غرماً على وليها لزوجها إذا كان وليها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها، أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم، أو مولى، أو من العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم، وترد تلك المرأة ما أخذته من صداقها، ويترك لها قدر ما تستحل به.
وحدثني عن مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها بنت زيد بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها، ولم يسم لها صداقاً، فابتغت أمها صداقها، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "ليس لها صداق، ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها"، فأبت أمها أن تقبل ذلك، فجعلوا بينهم زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- فقضى أن لا صداق لها، ولها الميراث.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أباً أو غيره من حباءٍ أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته.
قال مالك في المرأة ينكحها أبوها، ويشترط في صداقها الحباء يحبى به: إن ما كان من شرط يقع به النكاح فهو لابنته إن ابتغته، وإن فارقها زوجها قبل أن يدخل بها فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح.
قال مالك في الرجل يزوج ابنه صغيراً لا مال له: إن الصداق على أبيه إذا كان الغلام يوم تزوج لا مال له، وإن كان للغلام مال فالصداق في مال الغلام إلا أن يسمي الأب أن الصداق عليه، وذلك النكاح ثابت على الابن إذا كان صغيراً، وكان في ولاية أبيه.
قال مالك في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق: إن ذلك جائز لزوجها من أبيها فيما وضع عنه.
قال مالك: وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} [(237) سورة البقرة] فهن النساء اللاتي قد دخل بهن {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] فهو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.
قال مالك: وهذا الذي سمعت في ذلك، والذي عليه الأمر عندنا.