هنا يقول الإمام مالك: "وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى" يعني فيما نظن، وفيما يغلب على الظن "والله أعلم لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه أن يخطب الرجل المرأة فتركن إليه" تميل إليه، "ويتفقان على صداق واحد معلوم" معناه أنه أجيب بصريح العبارة، أو بالقرينة القوية القريبة من الصريحة، ما دام حددوا الصداق فالمعنى أنهم وافقوا، جميع الأطراف وافقت على صداق "وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها" الآن حدد الصداق، ركنت إليه، وحدد الصداق، ثم قالت للخاطب هذا الذي اتفقت معه على هذا الصداق قالت: أنا أشترط أن لا تخرجني من بلدي، أو لا تتزوج علي، أو أكمل الدراسة، أو أعمل بعد التخرج، في هذه المدة فيه ركون، وفيه تحديد للصداق، لكن أيضاً العقد الإيجاب والقبول ما تم، ما تم الإيجاب والقبول باعتبار وجود الشرط يوافق أو لا يوافق؟ في هذه المدة لا يجوز عند الإمام مالك، لكن يجوز فيما قبله، يعني لو ركنوا إليه ولا حدد الصداق، يجوز عندهم، لكن لفظ الحديث يشمل جميع ما يخدش في نفسية المتقدم الأول؛ لأن المعنى الذي من أجله منع هو المحافظة على سلامة القلوب بين أفراد المجتمع المسلم، وكونه يتقدم ولا يدرى هل يعطى أو يرد، إذا تقدم أحد بين يديه هذا لا شك أنه يؤثر عليه، قد يقول قائل: إنه يؤثر عليه ولو رد رداً صراحاً؛ لأن بعض الناس إذا خطب امرأة ثم ردوه رداً صريحاً قالوا: لا والله أنت لا تناسبنا ولا نناسبك، فردوه رداً صريحاً، بعضهم هذا المردود قد يكره، ويجد في نفسه شيئاً على من تقدم لخطبتها بعده، هذه الكراهية بدون حق، فلا يلتفت إليها، يعني وجودها مثل عدمها، فإذا رد رداً صريحاً لأي مسلم أن يتقدم لخطبتها.