قد يقول قائل: والله هذا الشخص لا يناسب هذه المرأة، وليس من المصلحة أن تقترن به، وأنا أذهب إليهم من باب المشورة من أجل أن يردوه، ثم بعد ذلك يتقدم لخطبتها إذا ردوه، المسألة مسألة ديانة، انظر إن كنت ناصحاً بالفعل إن كان لا يصلح، لكن من الورع أن لا تتقدم لخطبتها، فالحديث وما جاء في معناه في هذا الباب وفي غيره من الأبواب نهى عن البيع على بيع أخيه، ونهى عن السوم على سوم أخيه، والخطبة على خطبته، كل هذا من أجل الصفاء والود والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، ولا شك أن هذه من أعظم ما يوغر الصدور لا سيما في باب النكاح، يعني سائر السلع تهون عند هذا الباب، فإذا ركن إلى المرأة واقتنع بها ورآها، وتقدم لخطبتها، ووقعت في قلبه؛ لأن المسألة تقع في القلب من كثرة الترداد، ترداد الشيء في النفس، يعني لو أنه بمجرد ما قيل له في مجلس مثلاً: إن فلاناً عنده بنت تناسبك، ثم قال واحد في المجلس: ويش رأيك تتنازل لي عنها؟ أنا أرغب في هذه الأسرة، أمر سهل يعني تتنازل بسرعة، بسهولة يتنازل، لكن لما تذكر له، وتمدح له، وتتردد في خاطره وذهنه، ويتحدث بها في المجالس، ويتحدث بها إليه، خلاص صعب التنازل جداً، إلا من شخص يملك نفسه ملكاً، ويقهرها على الفضيلة.