قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء, من كان في جماعة أو وحده بمنى، أو بالآفاق كلها واجب, وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج، وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل, فأما من لم يكن حاجاً, فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق.
قال مالك -رحمه الله-: الأيام المعدودات أيام التشريق.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب تكبير أيام التشريق".
التكبير؛ جاء الأمر به "الذكر": {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [(27) سورة الحج]، وجاء –أيضاً- الأمر به في الأيام المعدودات, فالأيام المعلومات أيام العشر, والأيام المعدودات أيام التشريق, الأيام المعلومات العشر, والأيام المعدودات هي أيام التشريق, فيسن التكبير من دخول عشر ذي الحجة, وهذا يسميه أهل العلم: التكبير المطلق, وينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق, هذا المطلق الذي لم يطلق بأدبار الصلوات, ولذا كان عمر -رضي الله عنه- يخرج في اليوم ثلاث مرات، أو أكثر فيكبر في أيام التشريق, فيسمعه الناس، ويكبرون بتكبيره, فترتج منى بالتكبير, فدل على أن المطلق يستمر إلى آخر أيام التشريق, وأما المقيد بأدبار الصلوات, المقيد بأدبار الصلوات, هذا يبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق, هذا بالنسبة لغير الحاج, وأما الحاج المشتغل بالتلبية فإنه يبدأ من صلاة الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق, ومنهم من يقول: إلى فجر آخر أيام التشريق, المقصود أن التكبير المطلق عرفنا وقته, ومشروعيته, بالنصوص، بالأدلة بالآيتين, وغيرهما, أما بالنسبة للتكبير المقيد, وقد ثبت عن بعض السلف, من الصحابة وغيرهم, وبعضهم يقول: ما دام ما في شيء مرفوع, والتعبد يحتاج إلى شيء مرفوع, فهو ليس بمشروع, وقد تجرأ بعضهم، فقال: بدعة, هو معروف عن سلف هذه الأمة، ويقابل هذا القول؛ القول: بأنه بدعة, يقابله قول الحسن البصري -رحمه الله-: وأن المسبوق؛ المسبوق للصلاة, الآن يسلم الإمام، ويبدأ بالتكبير مباشرة, والناس معه, المسبوق متى يكبر؟ الحسن البصري يقول: يكبر مع الإمام, فإن انتهى من التكبير؛ أتم صلاته؛ وراه؟ هاه؟