"فقال له عبد الله بن عمر: لو كنت معك أو سألتني لأمرتك أن تقرن؛ فقال اليماني: قد كان ذلك" يعني كان في أول الأمر قارن، ثم حول نسكه إلى عمرة مفردة؛ ليحج بعده، كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من معه من الصحابة ممن قرن بين الحج والعمرة، ولم يكن معه هدي؛ أمرهم أن يجعلوها عمرة، وقد فعل هذا اليماني امتثالاً لذلك الأمر، فقال اليماني: قد كان ذلك. "فقال عبد الله بن عمر: خذ ما تطاير من رأسك" يعني ما أرتفع منه؛ يعني قصر من شعرك "وأهدي" والهدي هدي المتعة؛ لأنه أهلَّ بعمرة مفردة ليحج بعدها، عمرة .. عمرة متمتع ليحج بعدها، فهذا يلزمه هدي التمتع، "وأهدي"، "فقالت امرأة من أهل العراق: ما هديه؟ " ما الذي عليه من الهدي "يا أبا عبد الرحمن؟ "، هذه كنية عبد الله بن عمر "فقال: هديه؟ قالت له: ما هديه؟ فقال عبد الله بن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً لكان أحب إلي من أن أصوم".

المتمتع يلزمه ما استيسر من الهدي {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ} [سورة البقرة (196)]؛ فالصيام لمن لم يجد الهدي، والهدي؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر البدن، ولاشك أن الإبل والبدن أفضل؛ ولذا يقول ابن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً، ويصدق عليها أنه ما استيسر من الهدي، لكان أحب إلي من الصوم؛ وكلمة أحب أفعل تفضيل تدل على أن كلاً منهما محبوب؛ الصيام والذبح؛ لكن الصيام إنما يكون محبوباً بالنسبة لمن؟ لمن لم يجد الهدي، نعم؟ لمن لم يجد الهدي؛ أما من وجد الهدي فلا يجزئه الصيام، {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [سورة البقرة (196)].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015