قال مالك -رحمه الله تعالى-: والذي يُحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك؛ فإن هديه لا يكون إلا بمكة كما قال الله -تبارك وتعالى-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة (95)]، وأما ما عُدل به الهدي من الصيام أو الصدقة فإن ذلك يكون بغير مكة، حيث أحبَّ صاحبه أن يفعله فعله.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر أنه اخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة، فمرُّوا على حسين بن علي؛ وهو مريض بالسُقْيَا، فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج، وبعث إلى علي بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس -رضي الله عنهما- وهما بالمدينة فقدما عليه، ثم إن حسيناً أشار إلى رأسه، فأمر علي برأسه؛ فحلق ثم نسك عنه بالسقيا؛ فنحر عنه بعيراً.
قال يحيى بن سعيد: وكان حسين خرج مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في سفره ذلك إلى مكة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب جامع الهدي" يعني الباب الجامع للمسائل المتعلقة بالهدي.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن صدقة بن يسار المكي أن رجلاً من أهل اليمن جاء إلى عبد الله بن عمر وقد ظفر رأسه" ظفر رأسه: يعني جعله ظفاير، جدايل، ظفير: بمعنى مظفور، يعني مجدول.
"فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني قدمت بعمرة مفردة" قدمت بعمرة مفردة؛ وهذا في وقت الحج.