يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال -وهو يطوف بالبيت-" قال وهو يطوف بالبيت فالجملة حال، حال كونه يطوف بالبيت "للركن الأسود" قال للركن الأسود، يعني كلم الركن الأسود؟ أو أنه تكلم رافعاً صوته مخاطباً بذلك من يسمع؟ ومخاطبته للحجر كما هو الظاهر من قوله: "قال للركن: "إنما أنت" إنما يريد به من يسمع لا أنه يريد به الركن؛ لأن الركن جماد "إنما أنت حجر" يعني مخلوق لا تنفع ولا تضر، والنافع الضار هو الله -جل وعلا- "إنما أنت حجر ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك" بهذا يكون الاقتداء، أمور قد لا يدركها الشخص بعقله قد يقول قائل: لماذا ندور بالبيت؟ لماذا نقبل الحجر؟ هذا تعبد، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فنفعله "ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك" لو أن هذه الأمور اجتهادية لا بد من الوقوف على العلة لسبقنا بذلك هذا الخليفة الراشد الملهم، ما قال: الحكمة ما هي بظاهرة، كثير من الناس ممن يكتبون الآن يجعلون الأمور كلها معقولة، ويزنون النصوص الشرعية بعقولهم، الذي لا تقبله عقولهم لا يثبتونه هذا ضلال، من أنت؟ وما عقلك الذي تقيس به النصوص؟ أنت لا تدرك أشياء أنت أخص بها من غيرك، أمورك التي تزاولها، حياتك اليومية ما بين جنبيك من أعضاء لا تدرك كنهها ولا حقيقتها، فتريد أن تدرك أمور غيبية بعضها معقول المعنى وبعضها لا يدرك؟! وإن كان الشرع لا يأمر بشيء إلا لمصلحة، ولا ينهى عن شيء إلا لمصلحة، فعمر -رضي الله تعالى عنه- يقول: "ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلك ما قبلتك" فقد فعله اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قبله، ثم قبله عمر بمجرد اقتدائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو كانت المسألة عقلية ما قبل؛ لأنه لا ينفع ولا يضر فماذا يفيد؟ وليس في تقبيله لذة، وإلا هناك من لا ينفع ولا يضر لكن تقبيله معروف يعني مشروع، ومحسوس فيه شيء من ... ، لكن هذا لا ينفع ولا يضر ولا في لذة، ولا .. ، إذاً المسألة شرعية.