الموطأ - كتاب الحج (18)
شرح: باب: ما جاء في بناء الكعبة، وباب: الرمل في الطواف، وباب: الاستلام في الطواف.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ذكروا أن هذه الآية نزلت سنة ست، أي عام الحديبية، حين حال المشركون بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين الوصول إلى البيت، وأنزل الله في ذلك سورة الفتح بكمالها، وأنزل لهم رخصةً أن يذبحوا ما معهم من الهدي وكان سبعين بدنة، وأن يحلقوا رؤوسهم، وأن يتحللوا من إحرامهم فعند ذلك أمرهم -عليه السلام- أن يحلقوا رؤوسهم، وأن يتحللوا، فلم يفعلوا انتظاراً للنسخ حتى خرج فحلق رأسه، ففعل الناس وكان منهم من قصّر رأسه ولم يحلقه، فلذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: ((رحم الله المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ فقال في الثالثة: ((والمقصرين)) وقد كانوا اشتركوا في هديهم ذلك كل سبعة في بدنة، وكانوا ألفاً وأربعمائة، وكان منزلهم بالحديبية خارج الحرم، وقيل: بل كانوا على طرف الحرم، فالله أعلم.
ولهذا اختلف العلماء هل يختص الحصر بالعدو، فلا يتحلل إلا من حصره عدو لا مرض ولا غيره؟ على قولين:
فقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس وابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس وابن أبي نَجِيح عن ابن عباس أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو، هذا موقوف على ابن عباس، فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء، إنما قال الله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} فليس الأمن حصراً، قال: وروي عن ابن عمر وطاووس والزهري وزيد بن أسلم نحو ذلك.